حضور الله بيننا
للقديس أغسطينوس
+ " إن كان يليق بك أن تبحث عن الله بعينيّ نفسك، ربما تسقط في تجربةٍ بأن تتخيله بطرقٍ معينة. يظن البعض أنهم يدركونه كدفءٍ عظيمٍ وبهاءٍ، مثل أشعة الشمس،
بل وأعظم منها بما لا يقاس، عندما تسطع على أرض الطبيعة الواسعة والمفتوحة. والبعض يظنون إنهم يدركونه في شكل شخصٍ مسنٍ، مبجَّلٍ في الحكمة والسنين. لا تجعل تفكيرك في الله هكذا، فإنك تضل طريق بحثك عنه. يليق بك أن تفكر فكرًا واحدًا إن أردت أن تدركه، وهو أن تصير مثله، يومًا فيومًا، الله محبة. أي نوع من الوجوه للحب؟ ما هو شكله وطوله؟ وما هما قدماه ويداه؟ يليق بنا ألاَّ نُحد الله بمثل هذا التفكير. ولكن للحب قدمان، فإنه عندما تصير أقدامنا متلائمة مع إنجيل السلام (أف ٦: ١٥)، يقود الحب هؤلاء المفقودين والذين هم في عزلة، ليتمتعوا بالشركة والنعمة التي تحل في الكنيسة {بِهذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ.} (١ يو ٣: ١٦). للمحبة يَدان، فعندما نحب نستخدم أيدينا لتعتني على وجه الخصوص بالفقراء (مت ٦: ٣-٤). للمحبة عينان، فعندما تمتلئ أعيننا بالحنو، بسرعة نصير مهتمين باحتياجات الغير كما يقول المرتل: { طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمَِسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. }(مز ٤١: ١). ونحن نعلم أن للحب أذنان، فقد قال ربنا للذين يريدون أن ينموا في المحبة : { من له أذنان للسمع فليسمع} (لو ٨: ٨). اخوتي وأخواتي في المسيح... المحبة هو حضور الله غير المنظور بيننا. وهو يعلمنا كيف نعمل ما هو حق مع بعضنا البعض... المحبة يلزم أن تترجم إلى عمل في قلوبكم، وتقودكم إلى محبة بعضكم البعض."
+ هب لنا يا الله أن نقتدي بك ونؤمن بحضورك بيننا وفينا ونسير في طريق الكمال المسيحي الذي دُعوتنا اليه {فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.} (مت ٥: ٤٨). اعطنا يارب نعمة وحكمة لنحفظ وصاياك ونعمل بها ونحبك بالروح والحق لكى ما تعلن لنا عن حضورك الإلهي { اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي».} (يو ١٤: ٢١). واهدنا يارب لكي نتعلم من القديسين الذين ساروا علي خطاك وتمثلوا بك كقول القديس بولس الرسول { كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ. }(١ كو ١١: ١). روحك القدوس يسكب محبتك الإلهية فينا فتجري فينا كأنهار الماء الحي وتفيض ينابيع محبة ورحمة وكما يجري الدم في عروقنا ويعطينا حياة مادية ونقدم لك توبة مقبولة وصلوات من قلوب متواضعة لكى يكون لنا فكر ثابت في محبتك وتكون ربط محبتك شفائنا وحياتنا وخلاصنا ورجائنا وقيامتنا.
+ أفتح يارب عيون قلوبنا وأذهاننا وارواحنا لنعاين مجدك ونراك في أخوتنا وفي كل نفس ضالة لتقتنصها بمحبتك، ليحملها روحك القدُّوس لحضنك الدافي وتشبعها بسلامك وفرحك الفائق. هب لنا أن نشارك المتألمين آلامهم، وان لا نتغاضي عن لحمنا لاسيما ووسط موجات الغلاء الذي يعاني منه الكثيرين. هب لنا حكمة ونعمة وبركة لنقدم رحمتك للقلوب الجريحة، واَعطي خدامنا كلماتك المعزية ليقدموا للحزانى تعزياتك الإلهية. هبنا نعمة لنسير في درب الصليب ونعيش أفراح قيامتك المجيدة، أمين.
القمص أفرايم الأنبا بيشوي