أن روح العالم أصبح اليوم أعظم عدو لنا. في عصرنا هذا، دخل الكثير من الدنيوية، والكثير جداً من “روح هذا العالم“. روح العالم هذا يدمّر العالم. إذ يقبل الناس في نفوسهم هذا العالم يصيرون دنيويين في دواخلهم ويخرِجون المسيح من أرواحهم. إن الذين يسلّمون قلوبهم إلى العبث والحياة الدنيوية يعيشون تحت حكم حاكم هذا الدهر. هذا لأن الشيطان يحكم الغرور وأن أولئك الذين يستعبدهم الغرور، يُستَعبَدون لروح هذا العالم، أي للعالم بالمعنى الآبائي.
إن القلب المأسور في هذا العالم الزائف يضبط روحه في حالة من التخلف وعقله في الظلام. من ثمّ يكون الإنسان إنساناً بالمنظر فقط. في الجوهر، هو بالحقيقة طفل خديج روحياً، مختلّ، ميت حي، كمثل ممسوسَي الجرجسيين مدفون حياً في القبور حيث يسكن.
ما هي هذه المقبرة؟ كثيرون منا على دراية بها، وليس فقط من الإشاعات. في هذه القبور، يسلك حقًا أولئك الذين اتّخذوا كهدف لهم في هذا الوجود الأرضي التسليات المجنونة، مضحّين من أجلها بقدراتهم ومواهبهم.
إنهم يسرقون من ذواتهم الوقت الذي أعطاه الله لنا لتحقيق أشياء سامية، مبددينه بشكل غير معقول، طوافين بين معلومات لا داعي لها على الإطلاق، جلّ ما تعمله هو تشتيت الفكر وإلقاء عالمه الداخلي في الفوضى.
اليوم، هذا هو أقوى مولّد لروح هذا العالم.
إن الشيطان، المدعو عدو الإنسان ومدمّره، لا يعتبر تدميرَنا جسدياً، كما دمّر قطيع الخنازير، أمراً كثير الأهمية بقدر جذب أرواحنا الخالدة إلى ظلمة هذا الدهر.
القديس باييسوس الاثوسي