فى السادس عشر من شهر مسرى ، والموافق الثانى والعشرين من شهر اغسطس نحتفل بفطر صوم عيد السيده العذراء ، وهو عيد صعود جسد العذراء محمولاً على اجنحة الملائكه، حيث انه بعد الانتهاء من مراسم الدفن والجنازه ، لم يستطع التلاميذ مغادرة المكان ، ذلك لان اصوات الملائكه لم تنقطع عن التسبيح والترتيل مدة ثلاثة ايام متواصله
فلما صمتت الاصوات السمائيه رأى التلاميذ فى ذلك رخصه لهم بترك الجثمانيه والعوده الى اماكنهم وإستئناف خدماتهم الروحيه
وبعد ان قطعوا فى الطريق مرحله ، أبصروا زميلهم وشريكهم فى الخدمه الرسوليه ، قادماً فى اتجاههم وفى اتجاه الجثمانيه ، فعتبوا عليه تأخيره عن الحضور ، وأنبأوه بإخبار موت العذراء ، وما صاحب موتها من احداث روحانيه
الى هنا والرسول توما صامت يصغى الى احاديث رفقائه وزملائه ولم يقاطع كلامهم ، فلما فرغوا من ذلك ، سألهم ان يعودوا معه الى الجثمانيه ليشهد بنفسه جسدها ويتبارك منه كما تباركوا هم منه
فلم ير التلاميذ بدا من النزول على رغبة زميلهم وشريكهم ، وعادوا معه الى الجثمانيه ، وفتحوا القبر ، ولدهشتهم التى كادت تصعقهم لم يجدوا جثمان العذراء ، وإنما خرج بخور عطرى جميل ملأ جو المكان بعبيره المنعش الروحانى
وما هم فتوقعوا ان يكون اليهود قد أخذوا جسد العذراء وصنعوا به ماقصدوا اليه فى مبدأ الامر
هنا تدخل التلميذ الامين ، توما الرسول وقال : اطمئنوا ياإخوتى ليس اليهود هم الذين سرقوا جثمان سيدتنا ام فادينا ، لكن هى ارادة الله الت أبت على هذا الجسد الطاهر المقدس والتابوت السماوى ان يظل على الارض ، لذلك اكرمه الله فرفعه الى السماء على أجنحة الملائكه
وانا توما اخاكم وشريككم فى الآم المسيح وصبره ، رأيت بعين رأسى هذا الجسد الطاهر الكريم محمولاً على اجنحة الملائكه فوق جبل اخميم فى صعيد مصر وانا محمول على السحب قادماً من بلاد الهند فأذهلنى المنظر الروحانى ، فإذا بأحد الملائكه ينادينى : مابالك هكذا منذهلاً مبهوتاً مبهوراً ، تقدم وتبارك من جسد العذراء البتول !
فأسرعت ولثمت جسد العذراء وتباركت منه ، ونلت كرامه جزيله بأن حملت معى برخصة السماء زنار العذراء التى كانت تتحزم به وتلم به ثوبها .
انصت التلاميذ الى شهادة زميلهم فى فرح ممزوج بالانبهار والدهش ، وقالوا : اذن كانت اصوات الملائكه التى لم تنقطع إلا فى اليوم الثالث لموت العذراء وتنتظر اللحظه المباركه التى يبدأون بها رحلتهم بالجسد المقدس الى السماء !
موسوعة الانبا غريغوريوس ج 20