عاشت هذه الأسرة في الإسكندرية أثناء القرن العشـرين وكانت أسرة متوسطة الحال ورب الأسرة يعمل رساماً وكانت له علاقة محدودة بالكنيسة أما الزوجة فكان إرتباطها قويـاً بالقداسات وإجتماعات الكنيسة، وكانت تحب الصلاة وقـراءة الكتاب المقدس.
كان الرجل ينتهز كل فرصة ليمارس عمله كرسـام لتجـد الأسرة قوتها وفي أحيان أخرى لا يرسل له الله عملاً فتمـر الأسرة بضيقة مالية.
إعتادت الأسرة أن تقدم عطاء للـه كـل شـهر، خمسـة جنيهات، للمشاركة في احتياجات إخوة الرب الفقراء، وكانـت الكنيسة ترسل موظف لتحصيل هذا المبلغ كل شهر.
مرت الأسرة بضيقة مالية إذ لم يرسل الله عملا للرسـام مدة طويلة. وفي أحد الليالي، قالت الزوجة لزوجها : لا يوجـد عندنا أي شيء للعشاء فليتك تشتري لنا شيئاً لنأكـل نـحـن والأولاد وأعطته الورقة ذات الخمسة جنيهـات الباقيـة فـي البيت.
نزل الرجل ليشتري عشاء، وفيما هو نازل علـى السـلم التقى برجل سأله:
- هو حضرتك الأستاذ جوزيف؟ ..
- فأجاب الرسام: نعم فقال له:
- أنا المحصل بتاع الكنيسة جيت علشان أخد التبرع.
دعاه الرسام للدخول إلى الشقة، وأخبر زوجتـه وسـألها ماذا نفعل فقالت له:
"إديلوا الخمسة جنيه اللي إحنا دائماً بندفعها كل شهر".
فتعجب الزوج جدا، وقال لها كيف سنعيش باقي الشـهر
فردت عليه رد في غاية العجب إذ قالت له:
"ربنا يأكل وإحنا نجوع .. المهم إن ربنا يتعشـى يعنـي إخوة ربنا يأكلوا".
ثم أخذت من زوجها الخمسة جنيهات، وأعطتها للمحصل الذي شكرها وأعطاها الإيصال وانصرف.
خرج الزوج من الشقة في غضب شديد، وأغلـق البـاب بعنف. وفيما هو سائر في الشارع، وجد عامل الصيدلية التي يشتري منها ينادي عليه فلم يرد لأنه قال في نفسه : أنه غالبـاً يريد مطالبته بحساب الأدوية المتأخر عليه. وبعد قليل عـاد ومن إنشغال فكره بضيقته المالية لم ينتبه أن يمر من شـارع آخر بعيدا عن الصيدلية، فمر أمامها ثانية، وهنا خرج العامل وراءه يلح عليه أن يأتي ليتحدث مع صاحب الصيدلية فقـال له:
"معييش فلوس دلوقتي". أما العامل فقال له: "صاحب الأجزاخانة عايزك في حاجة تانية". دخل الرسام الصيدلية، وفوجئ بـأن صـاحب الصيدلية يخبره بأن له صديق يمتلك مصنعا للأخشاب، ويريـد رسـاماً ليرسم له بعض الرسومات، وقد رشحه صاحب الصيدلية لهذا العمل.
ثم سأل الصيدلي الرسام هل توافق؟ فأجابه الرسام على الفور: نعم.
فاتصل صاحب الصيدلية تليفونيا بصاحب المصنع الذي طلب مقابلة الرسام فوراً لحاجته الشديدة إليه. تمت المقابلة، واتفق صاحب المصنع مع الرسام على عقد عمل لمدة خمسة سنوات، بعد أن رأى رسـوماته وأعجبتـه، ووعده بخمسة آلاف جنيه سنويا، ثم أعطاه عربون للعمل معه وهو خمسمائة جنيه.
عاد الرسام إلى منزله في ذهول وخجل من ، الذي يعطي بسخاء لمن يعطي من إعوازه، وتأكد من صـدق كـلام زوجته التي آمنت بالعطاء من الإعواز، وعندما أخبرهـا بـمـا حدث، فرحت جداً وقاما للصلاة وشـكرا اللـه علـى محبتـه اللـه ورعايته.
† ثق في محبة الله الذي لا يحتاج إلى أموالك، ولكن يطلب قلبك، فإن أعطيته من كل قلبك تجد رعاية تفوق عقلك.
+ ليتك تشعر بالمحتاجين، ويرق قلبك لهم وتعطيهم قدر ما تستطيع، وليس فقط المحتاجين مادياً، بل أيضاً المحتاجين نفسياً وروحيا أي المتضايقين والبعيدين عن الكنيسة، لتجذبهم إلى الله.