• 01-1.jpg
  • 01-2.jpg
  • 01-3.jpg
  • 01-4.jpg
  • 01-5.jpg
  • 01-6.jpg
  • 01-7.jpg
  • 01-8.jpg
  • 01-9.jpg
  • 01-10.jpg
  • 01-11.jpg
  • 01-12.jpg
  • 01-13.jpg
  • 01-14.jpg
  • 01-15.jpg
  • 01-16.jpg
  • 01-17.jpg
  • 01-18.jpg
  • 01-19.jpg
  • 01-20.jpg

صفحة المتحدث الرسمي بإسم الكنيسة القبطية الارثوذكسية

سعيد هو الإنسان الذي له أب اعتراف علي مستوي الإرشاد الروحي. لا يسمع فقط ويقرأ التحليل، وإنما يرشد أيضًا ويعلم ويشرح الطريق الروحي، ويمنح ابنه في الاعتراف موهبة الإفراز والتمييز..ذلك هو المعلم الذي درس الطريق الروحي واختبره. ودرس النفس البشرية، وعرف ضعفاتها، وغرائزها، وميولها، ودوافعها.

كما يكون أيضًا قد درس حروب الشياطين وحيلهم ومكرهم وخداعهم. وعرف أيضًا وسائل الانتصار عليهم. مثل هذا الأب يمكن التتلمذ عليه.

فإن لم يوجد يبحث المعترف عن المرشد روحي. يضعه إلي جوار أب الاعتراف، ويسأله فيما يمكن أن يتصرف به في حياته الروحية.. المفروض أن يكون أب الاعتراف هو المرشد لأن نفس المعترف مكشوفة أمامه.

فإن لم يكن له هذه الموهبة. أو كان وقته ضيقًا جدًا لا يكفي الإرشاد المئات من المعترفين عليه، بالإضافة إلي مسئوليات الأخرى، حينئذ تقضي الضرورة إلي وجود مرشد يسند المعترف بنصائحه وتشجيعاته، ويكشف له ما خفي عن معرفته، حتى لا يسير في الضباب.

ومن جهة التلمذة علي الآباء والمرشدين، لنا ملاحظات:


1- ينبغي أن يكون المرشد سليمًا في عقيدته، سليمًا في إرشاده وفي قيادته، مجربًا مختبرًا.

و إلا أنطبق قول الكتاب "أعمي يقود أعمي، كلاهما يسقطان في حفرة"
وهذا الوضع أنتقده السيد بالنسبة إلي الكتبة والفريسيين، وقال عنهم إنهم قادة عميان (مت23: 16، 24). وقال لهم موبخًا "إنكم تطفون البحر والبر لتكسبوا دخيلًا واحدًا. ومت حصل تصنعونه ابنًا لجهنم أكثر منكم مضاعفًا" (مت 23: 15).



2- إذن فإذا انحرف الأب والمرشد، لا تجوز له طاعة، ولا يجوز قبول لإرشاده.

من هنا كان علي الإنسان أن يسترشد، وفي نفس الوقت يكون مفتوحًا العينين. ويحرص علي راحة ضميره في كل ما يقبله من إرشاد. وعلي الأب أو المرشد أن لا يكتفي بمجرد التوجيه، إنما أيضًا يقنع ويثبت التعليم بآيات الكتاب أو أقوال القديسين.


3- ولا مانع من أن يسأل الإنسان معلمه أو مرشده أو أباه الروحي.


فتلاميذ السيد المسيح نفسه كانوا يسألونه، ويستوضحونه بعض الأمور. فكان -تبارك اسمه- يشرح لهم، ويضرب الأمثال، ويذكر لهم بعض آيات الكتاب، ويفسر لهم (لو 24:27). فإن وجد أحد في نصيحة مرشده ما يخالف كلام الله، فليذكر قول الكتاب "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع5: 29).


4- وليس من الصالح أن يحاول المعترف أن يكون صورة من أبيه الروحي في كل شيء.

فربما ما يناسب أباه لا يناسبه هو. وربما ظروف أبيه ومقدراته ونفسيته تختلف عنه تمامًا. إنما يأخذ المبادئ، ويطبقها علي قدر طاقته الروحية، وحسبما يناسبه هو ويناسب شخصيته.



5- وفي نفس الوقت لا يجوز للمرشد أن يلغي شخصية من يتتلمذ عليه..

ولا يجوز أن يسيره في تياره علي الرغم منه، غير مراع ظروفه ونفسيته وميوله!! فإن كان المرشد مثلًا محبًا للوحدة والهدوء، لا يجوز له أن يدفع كل تلاميذه، فربما بعضهم له شخصية اجتماعية، ويحب خدمة الناس والوجود معهم، وإفادتهم والاستفادة منهم..



6- وقد يحتاج الإنسان فيما يتلقاه من المرشد أو من الكتب إلي شيء من التدريج:

فليس كل ما يقتنع به الإنسان من الفضائل أمرًا سهلًا في تنفيذه. ربما يحتاج إلي وقت طويل.. من أجل عدم تعود النفس علي هذا الجديد من الفضائل، وربما لمقاومة العادة، أو بسبب حروب الشياطين ومحاولتهم عرقلته في طريق الله، أو بسبب العقبات التي تصادفه من بيته أو من البيئة المحيطة..!

كذلك فالشيء الذي يدركه بسهولة، قد يفقده بسهولة.

فليس المهم أن يمارس إنسان فضيلة ما، إنما المهم أن يثبت فيها حتى تصبح جزءًا من طبيعة. ولهذا فكل فضيلة لا يبقي الإنسان فيها زمنًا، وقد تكون عارضة في حياته وغير ثابتة.

فلا يصح أن يقفز الإنسان بقفزات سريعة في الطريق الروحي، ويحاول أن يصل قبل الوقت.



7- ولا يجوز أن تعتبر أباك الروحي مجرد جهاز تنفيذي لما تعرضه من رغبات روحية!

لا تعرض عليها قرارات واجبة التنفيذ، وإنما مجرد رغبات، أو علي الأصح مجرد مقترحات أو أسلة أو تطلعات، يقول لك هل هي صالحة لك أم هي غير صالحة. ولا تضغط عليه في أن يسمح لك أن تنفذ، ولا تغضب إذا لم يسمح..! وإلاّ كان الإرشاد صوريًا، وتصبح في هذه الحالة كمن يسلك علي حسب هواه، إنما يريد الأب أن يوافق ليعطي هواه ورغباته روحية..



8- قبل أن تذهب للاسترشاد الروحي، عليك أن تصلي أن يهب الله لمرشدك الفكر الصالح الذي يناسب حياتك.

أي تصلي أن ينفذ الله مشيئته في حياتك عن طريق الأب أو المرشد. فيقودك في الإرشاد الذي يريد الله أن يقدمه لك، ويرشده بما يرشدك به..



9- اعرف أن الفضائل التي تسلك فيها حسب هواك، قد تقودك إلي المجد الباطل


لذلك يقول الآباء في البستان [إذا وجدت شابًا صاعدًا إلي السماء بهواه، فاجذبه إلي أسفل]. والخطورة هنا في العبارة [يهواه] ويقول الكتاب:

"علي فهمك لا تعتمد" (أم 3: 5).


10- ما أخطر حالة من يقول إنه يتلقي معرفته من الله مباشرة! وأنه يتتلمذ علي المسيح مباشرة.

وبهذا يرفض أن يتتلمذ علي الناس. وفي نفس الوقت لا يضمن هل الفكر الذي أتاه هو من الله أم ليس من الله..! ومن عجب أن من يقول هذا الكلام ليس هو نبيًا، وليس هو من الاثني عشر. ولا يستطيع أن يقول كما قال بولس الرسول "تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضًا" (1كو 11: 23).



11- إن التعليم من الله قد يعني التعليم من مصادر إلهية.


إننا نتعلم من الله في كتابه المقدس. يتعلم من السيد المسيح في سرته المقدسة. ومع ذلك نحتاج إلي من يفسر لنا هذه الكتب، وإلي من يقودنا في الطريق الروحي. فليس التعلم مجرد فهم نظري، بقدر ما هو تطبيق عملي.



12- وإلا فلماذا أوجد الله المعلمين والمرشدين؟!


لماذا قال للتلاميذ "وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت 28: 20) إن كان يمكن للإنسان أن يتعلم من الله مباشرة؟! ولماذا "أعطي البعض أن يكونوا.. رعاة ومعلمين" (أف4: 11). ولماذا قيل "أم المعلم ففي التعليم" (رو 12: 7). ولماذا قيل إنه من فم الكاهن تطلب الشريعة (ملا2)

إن عبارة "يكون الجميع متعلمين من الله" (يو 6: 45)، نفهمها بآية أخرى هي "من يسمع منكم، يسمع مني" (لو 10: 16).

إن من يطلب أن يتعلم من الله مباشرة، أو يتتلمذ علي المسيح مباشرة، أو يتتلمذ علي المسيح مباشرة،

ربما ينقصه الاتضاع الذي يقبل التعليم من المعلمين والمرشدين، ويعوزه أن يتذكر قول الرسول "اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله.." (عب 13: 7). وأيضًا "أطيعوا مرشديكم واخضعوا. لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يعطون حسابًا، لكي يفعلون ذلك بفرح غير أنين، لأن هذا غير نافع لكم" (عب 13: 17).

إن القديس بولس الرسول قد أمتدح تلميذه تيموثاوس الأسقف قائلًا: "وأما أنت فقد تبعت تعليمي وسيرتي وقصدي وإيماني.." (2تي 3: 10). لماذا لم ينصحه أن تعليمه وسيرته من اله مباشرة؟! وهل ترانا أعظم من أعظم من القديس تيموثاوس الذي تلقي تعليمه من بولس الرسول؟! ولماذا يقول بولس الرسول للمؤمنين "كونوا متمثلين بي، كما أنا بالمسيح" (1كو 11: 1) "كونوا متمثلين بي معًا أيها الأخوة" (في 3: 17)..



13-إن الفكر الذي يرفض التلمذة علي الكنيسة، ويريد أن يتعلم من الله مباشرة ليس هو فكرًا أرثوذكسيًا، وليس هو فكرًا إنجيليًا كتابيًا..

وذلك في ضوء نصوص الكتاب التي ذكرناها، وأمثالها كثير جدًا، ومنها كل الآيات التي تتحدث عن التعليم والكرازة والإرشاد والوعظ ووظيفة الكنيسة في التعليم، وفي كل كنائس الدنيا -مهما اختلفت عقائدها- يوجد وعاظ ومنابر للوعظ. ما لزوم كل هذا إن كان الناس يتعلمون من الله مباشرة؟!



14- الحياة الروحية أيها الإخوة تحتاج إلي اتضاع قلب. وفي التلمذة أتضاع..


أما الذي يصر علي أن يتعلم من الله مباشرة، فقد يقع في الكبرياء. وتستطيع الكبرياء أن تسلمه فريسة سهله للشياطين، فيقدمون له ما يشاءوا من التعليم. وكل المبتدعين والهراطقة في تاريخ الكنيسة، رفضوا أن يتتلمذوا علي الكنيسة، واتبعوا فكرهم، ظانين أن ذلك الفكر هو من الله!!



15- حقًا. ما أدراك أن الفكر الذي تظن أنه من الله هو من الله حقًا؟!

يروي لنا البستان أن القديس مقاريوس الكبير جاءه فكر أن يزور الآباء السواح في البرية الجوانية، فيقول هذا القديس العظيم [.. فبقيت مقاتلًا هذا الفكر ثلاث سنوات، لأري هل هو من الله أم لا..]! وأنت بكل بساطة تري أنك تتعلم من الله مباشرة، وأن الروح قال لك كذا وكذا!!

أي روح هذا؟ وكيف تضمن؟!

إن الكتاب يقول "لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلي العالم" (1يو 4: 1). ويقول أيضًا "امتحنوا كل شيء" (1تي 5: 21).



16- ربما تكون هناك مصادر كثيرة للفكر الذي تظنه من الله.

قد يكون فكرك الخاص، أو هواك الخاص. وقد يكون فكرًا مترسبًا في عقلك الباطن من قراءات أو سماعات سابقة. وقد يكون خدعة من الشيطان.. وأنت محتاج أن تتباطأ وتتروي، وتقرأ الكتاب، وتسأل وتسترشد.

أيها الأحباء، تواضعوا، وتتلمذوا..

واذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله..



قداسة البابا شنودة الثالث