• 01-1.jpg
  • 01-2.jpg
  • 01-3.jpg
  • 01-4.jpg
  • 01-5.jpg
  • 01-6.jpg
  • 01-7.jpg
  • 01-8.jpg
  • 01-9.jpg
  • 01-10.jpg
  • 01-11.jpg
  • 01-12.jpg
  • 01-13.jpg
  • 01-14.jpg
  • 01-15.jpg
  • 01-16.jpg
  • 01-17.jpg
  • 01-18.jpg
  • 01-19.jpg
  • 01-20.jpg

صفحة المتحدث الرسمي بإسم الكنيسة القبطية الارثوذكسية

علي الإنسان أن يُقاوم كل شهوة خاطئة. وما أجمل قول الحكيم: "افرحوا لا لشهوة نلتموها، بل لشهوة أذللتموها". ذلك لأن الشهوة إذا سيطرت على القلب، تكون ملكية اللَّه للقلب قد انتقلت منه إلى ذلك الشيء المُشتهَى حقًا إنه من العيب أن يُقال عن شخص إنه (شهواني)، أي أنه يُقاد بشهوته. فإذا اصطدمت بالشهوة، فأفضل وسيلة هي أن ان تهرب منها، بدلًا من أن تدخل معها في صراع قد تنهزم فيه ومادامت الشهوة لا تستريح حتى تكمُل، فالأفضل لك هو الهروب منها، والبُعد عن مُسبباتها لماذا تدخل معها في صراع أو نِقاش؟ إنك كُلَّما

أعطيتها مكانًا أو تهاونت معها أو اتصلت بها،  حينئذ تتقوَّى عليك. وتتحوَّل من مرحلة الاتصال، إلى الانفعال، إلى الاشتعال... إلى الاكتمال فتتدرَّج من التفكير فيها، إلى التَّعلُّق بها، إلى الانقياد لها، إلى التنفيذ، إلى التكرار، إلى الجنون بها، إلى الاستعباد لها

وقد يلجأ الشخص إلى طُرق خاطئة لتحقيق شهواته: إلى الكذب، أو الخِداع، أو الاحتيال ورُبَّما إلى أكثر من هذا وأحيانًا إذا تعب إنسان من شهوة، يقع في خدعة

ويقول: "من الأفضل أن أُشبع هذه الشهوة، حتى أقضي على هذا الاشتياق إليها، وأستريح إنَّ الشهوة لا تَشبع أبدًا فكُلَّما يُمارس الإنسان الشهوة، يجد لذَّة، واللذَّة تدعوه إلى المُمارسة. والقصة لا تنتهي

إن إشباع الشهوة لا ينقذ الإنسان منها، بل يزيدها والذي يقع في شهوة الجسد، لا يشبع من شهواته

صدق سليمان الحكيم حينما قال: "العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تمتلئ من السمع.. كل الأنهار تجري إلى البحر، والبحر ليس بملآن

لا تظن إذن أن إشباعك للشهوة ينقذك منها. لأنه لا ينقذك إلاَّ ضبط النفس والهروب من الشهوة

إن يوسف الصديق لم تكن له شهوة تحاربه من الداخل. ومع ذلك هرب من الشهوة التي تحاربه من الخارج من امرأة تشتهيه 

المفيد إذن هو البُعد عن الشهوات، لأنها جذور الخطايا.. فالزنى يبدأ بشهوة الجسد. والسرقة تبدأ بشهوة ما للغير أو بشهوة حُب الاقتناء. والكذب يبدأ بشهوة تبرير الذات، أو بشهوة تدبير شيء ما. والقتل يبدأ أحيانًا بشهوة الانتقام أو الحسد، أو بشهوة الهروب من الانكشاف بخطية أخرى

لذلك إن نجا الإنسان من الشهوة، وانتصر عليها بالهروب منها، يكون قد انتصر على كل الخطايا التي بدايتها الشهوة... وحقًا إن لذَّة الانتصار على النفس، بضبط النفس من جهة الشهوات، هي أعمق من لذَّة مُمارسة الشهوات

ونصيحتي لك، هي أنك إن تعبت من شهواتك، لا تيأس، ولا تظن أنه لا فائدة من المقاومة... بل فكّر فيما تستطيع أن تعمله نعمة اللَّه من أجلك، وليس ما تعجز أنت عن عمله

إن اللَّه لا يتركك وحدك في جهادك الروحي ضد الشهوات، بل هو يعينك بقوة من عنده تسندك مادمت ترغب في أن تحيا حياة البِرّ. وفي ذلك قال أحد الآباء: "إن الفضيلة تريدك أن تريدها لا غير". فإن أردت الفضيلة، حينئذ تدركك قوة من الأعالي تُساندك حتى تنتصر

أمَّا أنت فجاهد بكل إرادتك، وبالصلاة حتى يعينك اللَّه، ولا تخجل من أن تُصلِّي حتى وأنت ساقط تحت عنف الشهوة. بل تمسَّك باللَّه بالأكثر الذي يُمكنه أن يُنقِّيك ويُطهِّرك

قُل له: أنا يا رب إن انهزمت أمام الشهوة، فأنا مازلت واحدًا من خليقتك ومن رعاياك. أنا واحد من قطيعك الذي ترعاه حتى إن ضللت، فسوف تبحث عني وترجعني إليك لأنك تريد أن الجميع يخلصون، وأن ينتصروا على شهواتهم...أنت يا رب لا تتخلَّى عني، وأنا لا أتخلَّى عنك، مهما حاول الشيطان أن يفصلني عنك.. وأنا يا رب وإن كنت قد انهزمت حينًا أمام شهواتي، إلاَّ أني لم أتركك في أعماق قلبي، ولن أتركك

قداسة البابا شنودة الثالث من كتاب حرب الشهوات