• 01-1.jpg
  • 01-2.jpg
  • 01-3.jpg
  • 01-4.jpg
  • 01-5.jpg
  • 01-6.jpg
  • 01-7.jpg
  • 01-8.jpg
  • 01-9.jpg
  • 01-10.jpg
  • 01-11.jpg
  • 01-12.jpg
  • 01-13.jpg
  • 01-14.jpg
  • 01-15.jpg
  • 01-16.jpg
  • 01-17.jpg
  • 01-18.jpg
  • 01-19.jpg
  • 01-20.jpg

صفحة المتحدث الرسمي بإسم الكنيسة القبطية الارثوذكسية


القديس ديمتري روستوف

نقلها إلى العربية المطران أبيفانيوس زائد    

"في جميع أعمالك أذكر أواخرك فلن تخطأ إلى الأبد" (سيراخ 40:7).

قد يدرك الموت الإنسانَ فجأة مع أن كلاً منا يعلم بأن الموت سيدركه. الموت أمر معلوم لدى كلّ منّا لأنّ العدالة الإلهية قررته كقصاص للجنس البشري كله عن الخطيئة الجسدية. لكن

ساعة الموت غامضة لأن الله لم يكشف إرادته عن مدة الحياة لأحد الناس، بل أخفى هذا الأمر في أقداره السرية. كثيرون رقدوا ولن يستيقظوا.
كثيرون استقبلوا النهار ولم يعِشوا ليروا الليل. قد أولَمَ بلتشصّر ملك الكلدانيين وليمة في المساء دون أن يفكّر في ساعة الموت القريبة، فظهرت يد مجهولة، وخطت حكم الموت عليه بكلمات سرية على الجدار. قد ظهر له الموت في نومه الحاضر والقبر في سريره الليلي.
لقد رقد أليفانا القائد الأشوري في سريره في ساعة متأخرة من الليل ثملاً بالخمر، فتبدلت للحال ساعة الرقاد بساعة الموت. إن هذا القائد الذي كان يفاخر بأنه سيأخذ غداً عنوة بيت فلوى مدينة اليهود كطائر من عشه، يقع في شباك الموت كالطائر.
والغني في الإنجيل اهتمّ لجمع غلته وفكَر بهدم أهرائه وتوسيعها ليؤمن لنفسه سنوات كثيرة يأكل فيها ويشرب ويفرح فيقول له الرب:

"يا جاهل في هذه الليلة تُطلب نفسك منك" (لوقا 20:12).

الحقّ أنّ لا شيء غامض مثل مجيء ساعة الموت، كما قال السيد يسوع المسيح في إنجيله الشريف: "إنكم لا تعلمون اليوم والساعة حيث يأتي ابن البشر الذي في يديه الموت والحياة ليأخذ النفس البشرية" (متى 13:25).
     
نعم قد يفتح الموت أبواب الأبدية أمام الأرضي وتبتدئ هذه الأبدية كيفما كانت سعيدة أو تعيسة. أبواب الأبدية السعيدة أبواب الملكوت السماوي للأبرار، وأبواب العذاب الأبدي أبواب الجحيم للخطاة.
لذلك، يجب ألا يبارحنا ذكر الموت نحن المائتين حتى نزجر نفوسنا عما يغضب الله، ونكون مستعدين لمغادرة هذه الحياة خائفين من غموض ساعة الموت.      
إن ذكر الموت ضروري للإنسان كضرورة الخبز له. لا حياة للإنسان من دون الخبز ولا قدرة له على التصرف بالحياة من دون ذكر الموت.
يضعف الإنسان جسماً بلا خبز ويضعف روحاً بلا ذكر الموت. الخبز يشدّد قلب الإنسان والموت يشدد حياة الفضيلة.
لو خاف كل منا الموت المفاجئ وهيأ نفسه بالتوبة لمغادرة هذه الحياة، لما كان الموت قاسياً، ولا ملأت النفوس الجحيم. لكن، ويل لتهاملنا! إننا نحيا كأننا خالدون ونتلذذ بهذا العالم دون أن نفكر في أن الآخرة على الباب، وأن منجل الموت فوق رؤوسنا، وأن يوم السيد لا يبطئ، وأننا نقع بغتة في أمراض الجحيم. فقد جاء في الكتاب المقدس:
"أن الإنسان لا يعلم وقته فإنه كالأسماك التي تؤخذ بشبكة مهلكة وكالعصافير التي تصطاد بفخاخ كذلك يُقنَص بنو البشر في وقت السوء إذ يغشاهم بغتة" (الجامعة 12:9).
وصوت المسيح كالبوق ينذرنا ويحذّرنا مبيناً لنا واجبات الموت: "فاسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون متى يأتي رب البيت أفي المساء أم في نصف الليل أم عند صياح الديك أم في الصباح لئلا يأتي بغتة فيجدكم نياماً" (مرقس13: 35و36)
ويقول الإنجيل: "قد يأتي سيد العبد الشرير الذي يأكل ويشرب مع السكارى ويضرب رفقاءه في يوم لا يظنه وساعة لا يعلمها ويفصله ويجعل نصيبه مع المرائين هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (متى51:23).
فإذا كان الأبرار يهيئون ذواتهم لساعة الموت بالجهاد العظيم زمناً طويلاً من دون أن يعلموا بيوم وفاتهم، فالأجدر بنا نحن الخطاة أن نخاف تلك الساعة ونهيئ نفوسنا ونطهرها من أدران الخطيئة بدموع التوبة الحارة حتى لا يدركنا الموت ونحن ملطخون بأوحال الخطايا ولا نصير إلى العذاب الهائل.
فإذا كنا نجهل يوم الممات وساعته ونتناسى خوف انتظاره ونتجاسر على ارتكاب الخطايا، فعلى أي شيء لا نتجاسر إذا علمنا بأن حياتنا طويلة، ويوم الأجل بعيد؟
 إذاً بما أننا نجهل يوم المنية وساعتها، فيجب علينا إن نصرف أيامنا كلها كأننا ننتظر الموت دائماً مفكّرين به في كل صباح
وقائلين: أليس هذا اليوم آخر يوم من حياتنا؟ وفي كل ليلة: أليست هذه الليلة الأخيرة من ليالينا بين الأحياء؟ وكذلك عند رقادنا لنتساءل هل سننهض أحياء من أسِرّتنا؟ وعند نهوضنا من النوم ترى سنحيا إلى مجيء الليل؟ فإذا فكرنا هكذا نصرف يومنا كأننا نستعد للموت وعندما نذهب للنوم نصلح ضميرنا كأننا مستعدون أن نسلم أرواحنا لله في تلك الليلة.
  
إن من يرقد وهو في الخطيئة المميتة يكون نومه مهلكاً خطراً كرقاد من أحاطت بسريره الأرواح الشريرة المنتظرة الفرصة لاختطاف روحه إلى الجحيم. إنه سيءٌ جداً أن ينام الإنسان قبل أن يتصالح مع الله. إن كنا كدّرنا القريب في أمر ما فلنذكر أن القديس بولس الرسول يقول: "لا تغرب الشمس على غضبكم" (افسس 26:4).
فجدير بمن أغضب الرب أن يهتم لكي لا تغرب الشمس على غضب الله وحتى لا يخطفه الموت وهو غير مستعد. لا تقل أيها الإنسان غداً سأتوب، غداً سأصلح ذاتي، لا تؤجل التفاتك إلى الرب وتوبتك إليه من يوم إلى آخر إذ لم يقل لك أحد أنك تعيش إلى الصباح أو إلى المساء بل قل مع رسول المسيح: "إني أموت كل يوم" (كورنثوس الأولى31:15).
إن خوف الموت الشديد والخوف من العذاب يقودان النفس الجانحة إلى هوة الهلاك