شجاعة التلاميذ وسرورهم
لو أن المسيح لم يقم من الأموات، لظهر على تلاميذه علامات اليأس والفشل، بل ولتشتت شملهم وانقطعت أواصر الصلة بينهم، بعد أن بدد موت المسيح الآمال الدنيوية التي كانوا يرجون الحصول عليها من وراء تتلمذهم له، ولعاد كل منهم إلى قريته . ولكن بالرجوع إلى التاريخ نرى أنه في اليوم الثالث لموت المسيح،
ظهرت عليهم علامات الفرح ولازمهم هذا الفرح كل حياتهم، على الرغم من الإضطهاد الذي كان ينزل بهم من وقت لآخر (أعمال 5: 38-41) . فضلاً عن ذلك، فقد استعادوا وحدتهم وأخذوا ينادون بقيامة المسيح بكل جرأة أمام اليهود والرومان وغيرهم من الناس، حتى أن التلميذ الذي بسبب خوفه وجبنه كان قد أنكره أمام جارية (يوحنا 18: 17) ، أصبح ينادي بأعلى صوته أمام رؤساء الكهنة بأنهم أجرموا بصلبهم المسيح، ومع ذلك فقد أقامه اللّه من الأموات (أعمال 2: 22-24)، الأمر الذي يدل على أن المسيح لا بد أنه قام فعلاً بعد موته، وأن كهنة اليهود أنفسهم كانوا يعرفون هذه الحقيقة كل المعرفة
إصرارهم على الشهادة بقيامة المسيح
كما أنه لو كانت قيامة المسيح أمراً مختلقاً كما يقول المعترضون، لكانت عبارات الشك والتلعثم قد ظهرت في حديث التلاميذ عنها. أو كانوا قد لجأوا في مناداتهم بقيامته إلى الأدلة التي يرونها كافية لإقناع الناس بها، لكن بالرجوع إلى أقوالهم، نراها في غاية اليقين والصراحة، وخالية أيضاً خلواً تاماً من أية محاولة لإثبات صدق قيامة المسيح، الأمر الذي يدل على أن قيامته حقيقة واقعة عرفها كل الناس وقتئذ، حتى أنه لم يكن هناك داع لإثبات صدقها بأي دليل أو برهان
وضعهم قيامة المسيح أساساً للإيمان المسيحي
شهادة بولس الرسول
الذي كان من أشهر علماء الفلسفة والدين عند اليهود، وصار من أكبر أنصار المسيحية والمجاهدين في سبيلها. وبما أن شخصاً مثله لا يمكن أن يكون قد تحول عن عقيدته الأولى دون فحص أو تدقيق، لأنه كان مثقفاً ثقافة عالية، كما كانت له مكانة مرموقة في أمته. إذن فشهادته عن قيامة المسيح بناء على ظهوره له بمجده السماوي في وسط النهار، هي شهادة يوثق بها ويعّول عليها
كمال المسيح وتقوى تلاميذه ونزاهتهم
إن المسيح كما نعلم كان كاملاً كل الكمال. كما أن تلاميذه كانوا على درجة عظيمة من التقوى حتى استطاعوا بكرازتهم بالمسيح مماتاً ومقاماً، أن يجعلوا الوثنيين الفجار، أشخاصاً قديسين أمناء، ولذلك ليس من المعقول أيضاً أن يكونوا قد لفقوا حادثة قيامة المسيح، بل لا بد أنها حادثة حقيقية
انتشار المسيحية
كما أنه لو لم يكن المسيح قد قام من بين الأموات، لما قامت للمسيحية قائمة (إذ ليس من المعقول أن تقوم على آراء شخص قال إنه سيقوم بعد موته لكنه لم يقم) بل ولما فكر في اعتناقها إنسان على الإطلاق (وذلك لعدم توافقها مع ميول البشر وغرائزهم الجسدية، وتعرض أتباعها للإضطهاد والآلام في الحياة الدنيا) ، لذلك فانتشار المسيحية دليل واضح على أن المسيح قام من الأموات، ودليل أيضاً على أنه يبعث في أتباعه حياة جديدة تسمو بهم فوق الأهواء والشهوات، وتقدرهم على احتمال الإضطهاد والآلام بكل فرح وسرور
شهادة بعض علماء اليهود وغيرهم عن قيامة المسيح: إن عدداً كبيراً من العلماء والفلاسفة والمؤرخين الذين كانوا ينكرون فيما سلف قيامة المسيح، قد درسوا الوقائع الخاصة بها دراسة دقيقة فانتهى بهم الأمر (مع اختلاف مبادئهم وعقائدهم) إلى الإعتراف بصدقها
شهــادة بعـض العـلـماء
قال الحبر اليهودي كاوزنر في كتابه يسوع الناصري: من المحال أن نفترض وجود خدعة في أمر قيامة المسيح، لأنه لا يعقل أن تظل خدعة 19 قرناً - هذا لأن كاوزنر عاش في القرن التاسع عشر
وقال وستكوت: لا توجد حادثة تاريخية واحدة دعمتها أدلة أقوى من تلك التي تدعم قيامة المسيح
وقال تيودور: لو كان حماس تلاميذ المسيح هو الذي ولد الإعتقاد بقيامته لديهم، لكان هذا الحماس قد برد شيئاً فشيئاً حتى وصل إلى درجة الخمول والجمود. لكن إن كان ظهور المسيح لهم بعد موته، هو الذي بعث فيهم النشاط المتواصل في ميدان خدمة الإنجيل، فلا مفر من التسليم بأن ظهوره كان أمراً حقيقياً وليس خيالياً
وقال ستروس أحد أرباب النقد، ما ملخصه: لو كان المسيح قد أنزل عن الصليب قبل أن يموت (كما يدعي بعض الناس) ، ثم استطاع بعد دفنه أن يخرج من القبر بوسيلة ما، لاحتاج إلى مدة طويلة من الزمن للعلاج. ولعجز أيضاً عن بعث الإيمان في تلاميذه بأنه انتصر على الموت، وعن توليد القدرة فيهم على المناداة بالإنجيل في كل مكان، على الرغم من الإضطهاد الذي كان يحيط بهم من جراء هذا العمل
وقال دكتور توماس الذي كان أستاذاً للتاريخ في جامعة إكسفورد: لما طلب مني أن أقوم بتدريس التاريخ القديم، وأفحص أدلة المؤرخين على صدق ما جاء به من أخبار، لم أجد خبراً، أجمع على صدقه كل الأشخاص المحايدين مثل خبر قيامة المسيح
وقال السير إدوار كلارك أحد كبار رجال القانون: إذا كان الشاهد الصادق هو الذي يتجلى في بساطته وثباته، وترفعه عن التأثر بالحوادث المحيطة. فإن شهادة الإنجيل عن القيامة تبلغ هذه المرتبة من الصدق. وإني كمحام أقبلها دون قيد كشهادة رجال صادقين، على حوادث أمكنهم إثباتها بحجج لا سبيل إلى التشكك فيها