هو من أمثال السيد المسيح { يارب ألنا قلت هذا المثل أم للجميع أيضا. فقال الرب فمن هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يُقيمه سيده على خدمه ليعطيهم العلوفة في حينها. طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا بالحق أقول لكم إنه يُقيمه على جميع أمواله }( لو 12 : 41 – 44 ).

الوكيل الأمين الحكيم هو مَثَل من أمثال ربنا يسوع التي هي كلها تخدم نفوسنا .
الوكيل أي إنسان مؤتمن على شئ .. الأمانة قليلة والوكلاء الأمناء قليلون .. يجب أن يكون كل شخص فينا هو وكيل أمين .. ما هي الأشياء التي ائتمني يسوع عليها ؟ ما هي مكافأة الأمانة ؟ ربنا يسوع ائتمني على ثلاثة أشياء:-
1/ نفسي .
2/ بيتي وأولادي .
3/ إخوتي وأحبائي .
1/ نفسي
أكثر شئ يجب أن يفهمه الإنسان أن الإنسان ليس مِلك لنفسه ولكنه أمين على نفسه – وكيل عليها – ولكن مع إغراءات العالم وحروب عدو الخير يقتنع الإنسان أن حياته هي مِلك له وليست مِلك لربنا .. ويقول لا يوجد إثبات إني مِلك لله .. فأنا الذي أقرر .. أي شئ أفعله .. حياتي هيَّ حياتي ومِلكي .. فعندما أريد أن أفعل أي شئ أفعله وينسى إنه وكيل .
يجب على الإنسان أن يفهم إنه مؤتمن على حياته وإنه سيقدم حساباً عنها أمام الله ويجب أن يعطي أيامه وكل نسمة في حياته لله .. القديس أثناسيوس قال عن أنبا أنطونيوس أنه كان يتنفس المسيح .. أي أن المسيح هو كل شئ في حياته .. لذلك الإنسان يجب أن يعرف أن أيامه ولحظاته وأوقاته وعمره ومواهبه وتفكيره وكل ما فيه هو مِلك لله ويجب أن يرده مع ربح ولا تقول { فلنأكل ونشرب لأننا غداً نموت } ( 1كو 15 : 32 ) .. سيأتي وقت وستعطي حساب وكالتك .. ماذا فعلت بالأيام التي أعطِتها لك ؟ ماذا فعلت بمشاعِرك ؟ هل أحببت بها نفسك وبيتك فقط ؟ أنا أعطيتك طاقة عاطفة كبيرة لماذا قصرتها على نفسك فقط ؟ أيامك ماذا فعلت فيها ؟ الزمن هو أحد الوزنات التي نحن مؤتمنون عليها .. وكل لحظة هي عطية من الله .. كل ما نملُك هو عطية من الله .
الوكيل الحكيم .. الحكمة مهمة جداً .. الحكيم يعرف كيف يتاجر وكيف يربح .. { ولد فقير وحكيم خير من ملك شيخ جاهل } ( جا 4 : 13) .. كل عطية من ربنا يجب أن نوجهها بشكل صحيح .. نحن عايشين من أجل رسالة .. ويوجد أشخاص عندها ملل ووقت فراغ ولا تعلم ماذا تفعل ولا تعلم لماذا هي عايشة .. نحن موجودين لنمجد الله ونربح الملكوت .. بولس الرسول قال { لي الحياة هي المسيح والموت هو رِبح } ( في 1 : 21 ) .
الله أعطاني نفسي ليس لكي أهلك ولا لكي أبددها .. الله ينتظرنا في الأبدية منذ الأزل .. خلقنا له لنتمجد به ولنشاركه مجده وبهاءه وحضوره الإلهي .. يجب أن أكون حريص على خلاص نفسي وأن أُشارك الله قصده من خلقتي وأن أقدم نفسي له وأن أتمتع بخلاصه ومواعيده وحفظت كتابه ووصاياه فيقول لي { نعماً أيها العبد الصالح والأمين كنت أميناً في القليل فأُقيمك على الكثير } ( مت 25 : 21) " الكثير " أي المجد الأبدي .. ومن يُدرك المجد الأبدي لا يعيش في كسل ولا تواني
{ طوبى للذين يعملون الأن بكل قوتهم فإن لحظة واحدة في ذلك المجد سوف تُنسيهم كل أتعابهم } .. كل تعب وصوم وتسامح .. الخسارة عند ربنا هل خلاص الإنسان ؟ الله يريدك أن تخلُص .. لن ينفع أن نتحجج أمام الله ونقوله في الأخر أعذرنا لم نقدر ولم يسعفنا الوقت أن نربح أنفسنا .. ولكن يوجد من هم في نفس عمرنا وظروفنا وقد جاهدوا وربحوا الملكوت هم من سيدينونا لأن لهم نفس ظروفنا .أول أمانة أنا إئتُمِنت عليها هي نفسي .. نفسي هي وديعة مِلك لله وموجودة عندي .. المشكلة أن الله يعطينا وقت طويل ثم يطلب الوديعة .. فأحياناً يظن الإنسان أن هذه الوديعة مع الوقت أصبحت مِلكي .. لا .. إنها وديعة لديَّ .. مبارك الإنسان الذي يتذكر أن عمره ونفسه ليسوا ملكي ولكن يجب أن أقدمها مع الله مع رِبح .. طاقتي .. مواهبي .. غرائزي .. حياتي .. عواطفي .. إمكانياتي الشخصية كلها لله .
2/ بيتي وأولادي :
بيتي وأولادي ليسوا ملكي ولكنهم مِلك لله .. { البنون ميراث من الرب .. وثمرة البطن عطية منه } ( مز 126 – من مزامير الغروب ) .. والأم تكون إشبين أي مؤتمنة على إبنها وهي وكيلة على إبنك ويجب أن تقدمه لله مع رِبح .. يشوع قال { أما أنا وبيتي فنعبد الرب } ( يش 24 : 15) .. { هأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب } ( أش 8 : 18) .
قدمي لأولادِك نموذج حسن من بداية حياته .. شجعيه على معرفة ربنا من بداية حياته .. إغرسي فيه فضائل كواقع حقيقي في حياتِك بدل ما يكبر وتتحيلي عليه عشان يروح الكنيسة أو لكي يعترف .. مرة أم أعطت لإبنها عشرة جنيهات كي يعتِرِف فأبونا قالها لن ينفع لابد أن يرى نموذج حي .. هل وجد فيكِ نموذج حي للحياة الروحية ؟ هل علمتيه المحبة أم كان يسمع في البيت المقارنة بينه وبين أولاد خالاته وفي نفس الوقت نقوله { تحب قريبك كنفسك } ( مت 22 : 39 ) فيُصبح الولد ممزق يسمع كلام مين؟
ما أجمل زكريا وأليصابات اللذين قال عنهما الإنجيل { كانا كلاهما بارين أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم } ( لو 1 : 6 ) وبسببهم وُجِد يوحنا المعمدان .. يجب أن نقدم أولادنا لربنا بلا عيب .. كثيراً ما نهتم بالأكل والشرب والملابس ولا نهتم بالحياة الروحية .. نهتم بأجساد أولادنا ولا نهتم بخلاص نفوسهم .. أولادنا فقدوا الرؤية الروحية بسبب أن الأسرة نسيت الحياة الروحية ومهتمة فقط بالأجساد .. أين الأسرة التي تعمل تمجيد للقديسين في أعيادهم ؟ ولو أولادي غير ملتزمين يجب أن يقدم الأباء والأمهات صلوات بدموع أمام الله ليتغيروا مثل مونيكا التي صلت 20 سنة من أجل إبنها .. نحن كثيراً نصلي من أجل أبنائنا لكي ينجحوا أو يسافروا أو يشتغلوا أو يتجوزوا ولكننا لا نصلي من أجل خلاص نفوسهم .
بيتي وأولادي هم عطية من الله يجب أن نحافظ عليها ونقدمها لله بدون خسارة بل بربح .. أغرس الفضائل والصلوات في أولادي .. البيت هو الذي يربي ويعلِّم ويسلِّم كل المبادئ للأولاد .. أنت مسئول عن الأولاد أمام الله .. نقدم لهم الوجبة الروحية الدسمة التي تُغذيهم روحياً .. الناس مهتمين فقط بالتعليم الذي أصبح هو الإهتمام الأول والأخير للأباء .
أبونا بيشوي كامل وهو شاب ذهب يفتقد أحد الشباب ففتح له أبو الولد وقاله الولد عنده ثانوية عامة وليس لديهِ وقت للكنيسة هذا العام .. فقال له أبونا طيب ممكن أجي أنا كل إسبوع أو إثنين لأقص له الدروس التي أخذناها في الكنيسة .. فقال له لا .. لا يوجد لديه وقت وإبني لابد أن يُصبح دكتور .. وبالفعل عدت السنين وذهب الأب ليسأل على هذا الخادم وقاله إبني أصبح دكتور ولكن أنا عندي مشكلة كبيرة هي إن إبني دكتور وارتبط عاطفياً ببنت ممرضة غير مسيحية وبدأ إيمانه يهتز وأنا فكرت إنه كان بيحبك وبيسمع كلامك فقلت أجي وأقولك عشان تساعده .. ما الفائدة من كونه دكتور ولكنه فقد خلاص نفسه .
3/ أمين على إخوتي وعلى الآخرين
من أصعب صفات جيلنا الإنغلاق على النفس والأنانية الشديدة وعدم حب العطاء وأن الإنسان يعيش لنفسه .. وأحياناً يكون إهتمامنا بأولادنا ليس سببه حب إبني أكثر ما هو بسبب حبي لنفسي .. ولكن الله طلب من إبراهيم أن يقدم إبنه وحيده إسحق ليُذكِّره أن إسحق هو مِلك لله .. لا تنشغل بالعطية عن العاطي .. ونحن أحياناً ننشغل بأولادنا عن الله ونبعِد عن ربنا بسبب أولادنا أو أبعد أولادي عن ربنا
الإنسان المسيحي يشعر بمسئولية تجاه الكل .. بولس الرسول يقول { من يضعُف وأنا لا أضعُف .. من يعثُر وأنا لا ألتهب } ( 2كو 11 : 29 ) .. هل أشعر بغيرة على كل أحبائي الذين لا يعرفون طريق الله ؟ هل بسأل عن أصدقائي وأصحابي الذين لم يحضروا القداس والعشية ؟ هل أنا وكيل حكيم أمين على كل من حولي أم أنا أعيش فقط في دائرة ذاتي ؟ المسيحي نور ولا يمكن أن يُوقد سراج ويُوضع تحت المكيال .
نحن يجب أن نشعر بمسئولية تجاه حتى غير المؤمنين ونصلي من أجلهم والكنيسة تقول { غير المؤمنين ردهم } .. الكنيسة وكيلة أمينة عن الخليقة كلها وتشفع في الكل .. والزوج أحياناً يكون بعيد عن ربنا ويحصر نفسه ودوره في توفير المال فقط للأسرة ويكتفي بأن أولاده وزوجته يذهبون إلى الكنيسة .
القديس أوغسطينوس كتب في إعترافاته أن أمه كانت تشعر بمسئولية تجاه زوجها مع أنه كان سكِّير وفاسق وكثيراً ما كان يهينها ويضربها ويحتقرها .. والقديس أوغسطينوس كتب عنها " كنت أراها تخدمه بكل إكرام واتضاع كمن يخدم جلالك يا الله " .. رغم كل عيوبه .. مسئولية الزوجة أن تصلي من أجل زوجها .
المكافأة
{ طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا .. بالحق أقول لكم إنه يُقيمه على جميع أمواله } ( لو 12 : 43 – 44 ) .. الأمانة تجعل الله يأتمن الإنسان على كل شئ .. على مجد الأبدية .. وعلى عطايا الروح السماوية .. ونعرف حرية مجد أولاد الله .. لدرجة أن الله يعطيه سلطانه ومجده حتى وهو على الأرض .. الذي يفكر في المكافأة تهون عليه الأتعاب والمحاربات والمضايقات .. { الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالإبتهاج } ( مز 125 – من مزامير الغروب ) .. فكَّر في المكافأة فتستهين بالتعب .. يكفي أن نسمع من الله كلمة " طوبى لذلك العبد " .. يكفى أنه يُقيمني على جميع أمواله .. أحد القديسين قال { أطِع الله يُطاوعك الله } .. فمهما يطلب من الله لا يرفضه له الله .. حتى أنه يُصبح للإنسان سلطان حتى على الطبيعة .. تُمطِر .. يُوقِف المطر .
الأكاليل منتظرانا .. الله يعدها لمحبي إسمه القدوس
الله الذي إئتمننا يجعلنا أُمناء فيما إئتمنا عليه ويساعدنا على خلاص نفوسنا وأولادنا وأزواجنا وكل من حولنا ويمتعنا بالنصيب الصالح

ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين

 القمص: انطونيوس فهمى