• 01-1.jpg
  • 01-2.jpg
  • 01-3.jpg
  • 01-4.jpg
  • 01-5.jpg
  • 01-6.jpg
  • 01-7.jpg
  • 01-8.jpg
  • 01-9.jpg
  • 01-10.jpg
  • 01-11.jpg
  • 01-12.jpg
  • 01-13.jpg
  • 01-14.jpg
  • 01-15.jpg
  • 01-16.jpg
  • 01-17.jpg
  • 01-18.jpg
  • 01-19.jpg
  • 01-20.jpg

صفحة المتحدث الرسمي بإسم الكنيسة القبطية الارثوذكسية

س232: كيف يصوم السيد المسيح وهو الله (مت 4: 2)، وهل كان يتعبَّد بالصوم والصلاة لنفسه؟ وكيف يجوع وهو الغني في ذاته؟ وهل من يحتاج للطعام يمكن أن يكون إلهًا وربًا وخالقًا؟ وما هيَ الضرورة التي تلزمه بالصوم والجوع؟

يقول "علاء أبو بكر": " س206: هل يجوع الإله؟ ومن الذي جاع: هل هو لاهوته أم ناسوته أم الثلاثة آلهة الذين لا ينفصلون طرفة عين، ألا تعلمون أن الجوع نقص وإحتياج للطعام؟ فهل تصوُّرون إلهكم بصورة الضعيف الناقص المحتاج لأحد مخلوقاته ليرمم عظامه، ويتمكن من مواصلة الحياة؟ فأي إهانة تلحقونها بالإله القدوس؟" (438). ( راجع أيضًا البهريز جـ 3 س214 ص138).

ج: 1ــ عندما تجسَّد اللَّه الكلمة إتخذ طبيعة بشرية كاملة أي جسد بشري حقيقي وليس جسدًا خياليًا كقول أوطاخي، كما اتخذ روحًا بشرية حقيقية، ونحن لا نوافق أبوليناريوس الذي إدَّعى أن السيد المسيح لم يأخذ روحًا بشرية، والسيد المسيح له طبيعتان (لاهوتية وناسوتية) متحدتان في طبيعة واحدة، مثل اتحاد النار مع الحديد في الحديد المحمي بالنار، وهاتان الطبيعتان غير مختلطتين معًا كاختلاط المواد، وأيضًا غير ممتزجتين معًا كامتزاج السوائل، ولم تتغير إحدى هاتين الطبيعتين للطبيعة الأخرى، فاللاهوت (الطبيعة الإلهيَّة) ظلا لاهوتًا، والناسوت (الطبيعة البشرية) ظل ناسوتًا، وهذا ما يصليه الأب الكاهن في صلاة الاعتراف في القداس، مشيرًا للجسد المقدَّس: " وجعله واحدًا مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير"، وظلت كل طبيعة تحتفظ بخواصها، فبحسب الطبيعة اللاهوتية نرى يسوع المسيح القادر على كل شيء، المالئ الكل بلاهوته، المنزَّه عن الجوع والعطش والتعب والألم والموت.. إلخ.، وبحسب الطبيعة البشرية نرى السيد المسيح معرَّض للجوع والعطش والتعب والإهانة والموت.. إلخ، فالسيد المسيح صام وجاع بحسب الناسوت وليس بحسب اللاهوت، ولم يسمح يسوع المسيح للاهوته بتخفيف الألم عن ناسوته، ولم يجرد الناسوت من المشاعر والأحاسيس البشرية، ولم يسمح للاهوته بإشباع وإراحة الناسوت، بل أنه شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها: " مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ" (عب 2: 17) وتعرَّض للجوع والعطش والتعب والإرهاق والألم والموت، بينما في محبته أشبع الجياع وشفى المرضى وعزى المتألمين وأقام الموتى.

 

2ــ يقول "القمص تادرس يعقوب": " ويقول "الأب هيلاري أسقف بواتييه": "جاع بعد أربعين يومًا.. لا بمعنى أنه هُزِم من أثر الزهد وإنما خضوعًا لقانون ناسوته ".. لقد جاع السيد في نهاية الأربعين يومًا تأكيدًا لناسوته، فلو أنه صام أكثر من موسى (خر 24: 18) وإيليا (1 مل 19: 8) لحسبوه خيالًا، لا يحمل جسدًا حقيقيًا مثلنا. وقد جاع لكي يُعطي الفرصة لتجديد الحرب على الشيطان، إذ يقول "القديس يوحنا الذهبي الفم": "يئس إبليس عندما رأى المسيح صائمًا أربعين يومًا، لكنه إذا رآه جائعًا بدأ الأمل يدُب فيه من جديد، وعندئذ تقدم إليه المجرّب(439).

 

3ــ جرَّب الشيطان آدم الأول وهو في الفردوس بالأكل من شجرة معرفة الخير والشر وأسقطه وأسقط معه البشرية جمعاء، وتسبب في طرده من الفردوس، فجاء المسيح آدم الثاني ورد اللطمة للشيطان، فلاقاه ليس في الفردوس بل ذهب إليه في عرينه في البرية، ولاقاه وهو صائم وجائع، وانتصر عليه. لقد جاء السيد المسيح ليهزم الشيطان ويدق حصونه، فكيف يتسنى له ذلك بدون الدخول معه في حرب، فكانت الحرب (التجربة) ضرورة لهزيمة الشيطان ودك حصونه، وتحقيق النصرة عليه لحسابنا، والرب يسوع لم يكن محتاجًا لهذا الصوم ولا لتلك النصرة، إنما صام نيابة عنا وحقق النصرة لحسابنا، وعلمنا كيف نهزم عدو الخير بكلمة اللَّه، وأدركنا مدى احتيال إبليس وخبثه وحقده على الإنسان، ومدى جراءته وجسارته، حتى أنه وهو ليس له شيء من المسيح، يبذل قصارى جهده لكيما يجد وطأة قدم في قلبه ومشاعره وعقله وتفكيره وسلوكه، ويفشل فشلًا ذريعًا.

ويقول "متى هنري": "مما يعزينا أن نعرف بأن المسيح قد تألَّم مجرَّبًا.. ونحن لنا رئيس كهنة يعرف بالاختبار معنى التجربة والذي لأجل هذا يزداد إحساسًا وتأثرًا بآلامنا ويرثى لضعفاتنا في ساعة التجربة (عب 2: 18، 4: 15) ولكنه مما يزيدنا تعزية أن ندرك بأن المسيح إذا جُرّب انتصر، وانتصر لأجلنا، وأن ندرك ليس فقط بأن العدو الذي نصارعه عدو مقهور جُرّد من سلاحه، بل أننا أيضًا قد اشتركنا في نصرة المسيح عليه، وأننا به يعظم انتصارنا.."(440).

 

4ــ ردًا على تساؤل الناقد: هل كان السيد المسيح يتعبد ويصوم ويصلي لنفسه؟.. السيد المسيح ليس هو اللَّه الكلمة فحسب، بل هو ابن الإنسان أيضًا الذي تمَّم كل مطالب الناموس، وكان نائبًا عن البشرية فصام عنا، وصلى وجاهد في بستان جثسيماني لكيما يترك لنا ميراثًا، وصلاته كانت مناجاة بينه وبين الآب. وردًا على تساؤل الناقد: من الذي جاع؟ لاهوته أم ناسوته أم الثلاث آلهة الذين لا ينفصلون طرفة عين؟ فقد أجبنا على الشق الأول من السؤال وهو الذي جاع هو السيد المسيح بحسب ناسوته وليس بحسب لاهوته، أما الشق الثاني وهو القول بثلاثة آلهة، فواضح تجني الناقد على الحق والحقيقة، متغافلًا أن الكتاب المقدَّس بُني على أساس الوحدانية المُطلقة، ومن أكثر الأمور التي جلبت الغضب الإلهي على الأمم، بل على شعب اللَّه هو إيمانهم بتعدد الآلهة، وما صاحب ذلك من إنحطاط أخلاقي، وكم دفعت المسيحية من تضحيات مقابل تمسكها الشديد بوحدانية اللَّه، وشهد القرآن بأن المسيحيين مؤمنون ومُوحّدون باللَّه وأهل كتاب ولذلك أحلَّ طعامهم والزواج منهم.. فهل الناقد يؤمن بالقرآن ويخالف تعاليمه تجاه الاعتقاد الصحيح في المسيحيين؟ !!. أما قول الناقد الساخر بأن الجوع نوع من النقص، وأن المسيحيين يصوّرون إلههم في صورة الضعيف الناقص المحتاج لأحد مخلوقاته ليرمّم عظامه، فالناقد هنا يكذب ويصدق نفسه.. أي مسيحيين يقدمون مسيحهم على أنه ضعيف وناقص؟!!.. ولماذا يتمسكون به مضحين بدمائهم رخيصة إلاَّ لثقتهم فيه ثقة مُطلقة؟!.. حتى وإن ظهر السيد المسيح في صورة الجائع والضعيف والمصلوب والمُهان فإنه صنع بالضعف ما هو أعظم من القوة.

من كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (عهد جديد)

كتب أ. حلمي القمص يعقوب

_____