تأملات في ذكصولوجية الصليب:
الصليب مصدر فرح وقوة روحية
✝️ بمناسبة عيد الصليب نتأمَّل اليوم في ذكصولوجية الصليب المجيد. وسوف نركِّز على أربعة أرباع تبدأ كلها بعبارة: ”السلام لكَ أيها الصليب“
الربع التاسع :
السلام لكَ أيها الصليب سلاح الغلبة :
” سلاح الغلبة “ :
✝️ هو سلاح الراهب. فالراهب هو حامل الصليب: ‵ⲥⲧⲁⲩⲣⲟⲫⲟⲣⲟⲥ وسلاح الراهب هو عكازه. كما كان عكاز القديس أنطونيوس الذي سلَّمه لأنبا مقار هو عبارة عن صليب حرف T .وفي أحدث الاكتشافات الأثرية تأكَّد أن صليب الرب كان بالفعل على شكل حرف T، وأن الجزء الرأسي العُلوي كان عبارة عن اليافطة التي كُتبت عليها: «يسوع الناصري ملك اليهود».
✝️ فعكاز الراهب أي سلاحه، هو صليب حقيقي به يغلب العدو. صليب الراهب ليس هو صليب من الخشب أو من الجلد، ولكنه استعداده وتصميمه على تحمُّل الآلام في شركة مع الرب المصلوب. تصميم الراهب داخل قلبه دون أن يشعر به أحد هو قوَّته. فالراهب يوزن على قدر جديته في تصميمه على أن يشارك الرب في سر آلامه حتى آخر نسمة في حياته.
الصليب سلاح الغلبة :
✍️ في الأيقونات القبطية القديمة تجد أحيانًا حرف Ϭ تحت الصليب. وقد ظلَّ العلماء متحيِّرين في معنى هذا الحرف إلى أن وجدوا في إحدى الأيقونات الكلمة ϭⲣⲟ مكتوبة بالكامل وهي تعني ”الغلبة“. والصليب الطقسي يكون مكتوبًا عليه: Ⲓⲏ̅ⲥ̅ Ⲡⲭ̅ⲥ̅ ⲡⲓϭⲣⲟ أي يسوع المسيح الغالب. وقد جاءت كذلك باليونانية في سفر الرؤيا عن المسيح أنه «خرج غالبًا ولكي يغلب ἐξῆλθε νικῶν, καὶ ἵνα νικήσῃ.» (رؤ ٦: ٢)
السلام لكَ أيها الصليب : عرش الملك:
✍️ كلمة ”ⲡⲓ‵ⲑⲣⲟⲛⲟⲥ“ تُذكِّرنا بلحن ”ⲡⲉⲕ‵ⲑⲣⲟⲛⲟⲥ“ الذي يُقال يوم الجمعة الكبيرة. كما وتُذكِّرنا بما جاء في سفر الرؤيا أنه «في وسط العرش خروف قائم كأنه مذبوح» (رؤ ٥: ٦)، وأن تسابيح السمائيين كلها تُقدَّم لهذا الخروف ”القائم كأنه مذبوح“ الموجود في وسط العرش.
هذا المنظر في سفر الرؤيا يُبيِّن لنا أهمية عيد الصليب، وكيف أنه هو سبق تذوُّق لعيد الأبدية الذي لا ينتهي. لأن كل تماجيد السمائيين حاليًا وإلى أبد الآبدين والتي سندخل إليها كلنا بمشيئة الله، تدور وتتركَّز في بؤرة واحدة هي العرش الذي عليه الخروف القائم كأنه مذبوح. وهي عبارة عن تمجيد لغلبة الصليب، أو تمجيد لغلبة الآلام الإلهية، أو هي تمجيد للحب الإلهي الذي ظهر على الصليب. هذا سيكون موضوع تسبيحنا إلى أبد الآبدين، تسبيحًا لا ينتهي ولن نمل منه أو نتوقَّف عنه إلى الأبد.
” عرش الملك “:
+ «الرب قد ملك على خشبة» (مز ٩٥: ١٠)
✝️ الحقيقة أن المذبح هو نفسه العرش. ففي سفر الرؤيا أحيانا يتكلَّم عن المذبح وأحيانا أخرى عن العرش. فهو مذبح لأن عليه قُدِّم الحمل المذبوح، وهو في الوقت نفسه العرش لأنه بواسطة الحب الذي قدَّمه لنا على الصليب قد ملك على قلوبنا جميعًا. فالصليب هو الذي به تحقَّق ملكوت الله، أي مُلك الله على القلوب. فنحن حين نقول: «ليأتِ ملكوتك»، نعني: ”اُملك يا رب على القلوب بواسطة حبك الإلهي“. فالصليب هو عرش الملك الذي من فوقه يملك على قلوب جميع محبيه.