كان لابد ان يصاحب الموت سفك دم ” بدون سفك دم لا تحصل مغفرة”  عب  9 : 22
(كان لابد للفادى ان يتألم الام حقيقية قبل موته ” لكن احزاننا حملها واوجاعنا تحملها وهو مجروح لاجل معاصينا ” ( اش 53 : 4 ، 5
(كان لابد للفادى ان يحمل لعنة الانسان الساقط ” افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنة لاجلنا ” ( غل 3 : 13 ) ” لانه ملعون كل من علق على خشبة ” ( تث 21 : 23
كان لابد للموت ان يكون علنا ليشهده الكثيرون حتى يؤمنوا بالقيامة كل ذلك تحقق بالصليب

فالقديس أثناسيوس يتأمَّل في الصليب، فيجد في اليدين المبسوطتين سرَّ المصالحة

الأُفقية: ”حتى باليد الواحدة يجتذب الشعب القديم، وبالأخرى يجتذب الذين هم من الأمم، ويُوحِّد الاثنين في شخصه“. وبالمثل أيضاً يتأمَّل في الصليب سرَّ المصالحة الرأسية التي تمَّت بين الله والإنسان، أو بين السماء والأرض، فيقول:

[إن الربَّ جاء ليُهيِّئ لنا الطريق الصاعد إلى السماء: «بالحجاب أي جسده» (عب 10: 20) كما يقول (بولس) الرسول. وهذا كان يتحتَّم أن يكون بالموت. وبأي موت كان مُمكناً أن يتمَّ هذا إلاَّ بالموت الذي يتم في الهواء، أعني الصليب؟ لأن مَن مات على الصليب هو وحده الذي يموت مُعلَّقاً في الهواء لذا كان لائقاً جداً أن يموت المسيح بهذا النوع من الموت])

أي أنَّ الرب قد مات مُعلَّقاً بين الأرض والسماء، ليصير بذلك، بنوعٍ ما، وسيطاً بين الأرض والسماء، ويفتح لنا الطريق الصاعد إلى السماء

أما القديس غريغوريوس النيصي، فهو يرى في الصليب بفروعه الأربعة رمزاً للانجماع الكلِّي الذي تحقَّق في المسيح بين السماء والأرض، وبين كل إنسان وأخيه-

[الصليب ينبثق من نقطة واحدة نحو أربع جهات، لأن عليه تمدَّد مَن جمع كل شيء في نفسه: كل ما هو فوق، وما هو تحت، وما هو ممتدٌّ على جانبيه... فكل الخليقة تتطلَّع إليه وتلتصق وتتوافق معاً بواسطته... الخليقة العُليا تلتحم بالسُّفلَى وبنفسها

وهكذا ينطق بولس الرسول مُعلِّماً أهل أفسس أسرار المعرفة: «حتى تستطيعوا أن تُدركوا مع جميع القدِّيسين، ما هو العرض والطول والعمق والعلو» (أف 3: 18)، التي تُمثِّل في الحقيقة انبثاقات الصليب

“ويتفق معه القديس إيرينيئوس في اعتبار الصليب سـرّاً للمصالحة الشاملة. ولا غـرو فـإنَّ كـل التعليم اللاهوتي للقديس إيرينيئوس إنما يـدور حـول سـرِّ الانجماع الكلي

 الذي يتم في المسيح

لقد قال واحدٌ من الذين سبقونا: ”إنه لما بسط (الرب يسوع) يديه الإلهيتين، قد جمع الشعبَيْن معاً إلى إلهٍ واحد“. فقد كانت هناك (على الصليب) يدان بسبب وجود شعبَيْن متفرِّقَيْن حتى أقاصي الأرض، ولكن كانت رأس واحدة تتوسطهما بسبب وجود إله واحد هو على الكل وبالكل وفي كلِّنا

أي أنَّ الصليب هو سر الانجماع الكلِّي في الله الواحد، أي سر جمع الاثنين إلى واحد. فيرى القديس إيرينيئوس عدد ”الاثنين“ في اليدين، و”الواحد“ في الرأس الإلهي الواحد الذي

يجذبهما إلى الوحدة. وهكذا في الصليب يتم اتحاد الاثنين إلى واحد