اعتادَ أحدُ الرهبان النُسّاك الأتقياء أن يعبر النهر قبيل فجر كلّ يوم أحد ليشترك في القدَّاسِ الإلهي في كنيسة الدير القريب من منسكه.
وفي إحدى الليالي الصيفيّة الحارّة استيقظ الناسك في نصف الليل وكانَ نور القمر قويٌ جداً، فظنّ أنَّ الفجر قد لاحَ وأنَّه قد تأخرّ عن الذهاب إلى الدير الواقع في الطرفِ الآخر من النهر.
فأمسك بعُكازِه وتحرّك نحو المياه واتجه نحو البرّ الآخر سيراً على الأقدام.
اقترب الشيخ من البرّ ونادى أحد أصحاب المراكب باسمه، فاستيقظ كثيرٌ من الصيّادين والبحّارة ونظروا مندهشين إلى الشيخ ماشياً على المياه مُتَّجِهاً نحو البرّ.
قال الشيخ لأحدهم:
أرسل معي شخصاً من عُمّالِك ليذهب معي لأنَّني خائف من كلاب الدير.
فأجابه صاحب السفينة:
كيف تخاف أيُّها الأب من الكلاب وأنت تسير على المياه.
تعجّب الشيخ ممّا سمعه فصار يضرب بالعٌكازِ على المياهِ وهو يقول أيّة مياه يا ولدي إنّها اليابسة.
هكذا كان الشيخ يرى مياه النهر يابسة يسير عليها وهو لا يدري.
وإذ ألحّ الشيخ في طلب المرافق معه كي يسير حتّى الدير خوفاً من كلاب الحراسة قال صاحب السفينة:
صَلِّ من أجلنا أيّها الأب القدِّيس ولا تخف من الكلاب.
فاضطر الشيخ أنْ يُكْمِلَ طريقه بتقواه.
كان هذا الناسك يسير على المياه، وهو لا يدري، بينما في ضعفه البشري كان يخشى نباح الكلاب.
وهكذا أيضاً لكلِّ بار نقطة ضعف قد لا يسقط فيها صبيّ صغير، لكنَّ الله يسمح بها لكي تحفظه من السقوط في الكبرياء، وليدرك الجميع أنهم مهما بلغوا من قداسة فحاجتهم مستمرّة لعمل المخلّص في حياتهم.
القديس يوحنّا الذهبي الفم