قرع الراهب الشاب باب قلاية الراهب الشيخ المفتوح في هدوء، قائلًا: "أغابي (محبة)
`agapy"، فلم يجب الشيخ. كرر مرة ثانية فثالثة، دون إجابة. اضطر الراهب أن يدخل إذ يعلم أن الشيخ مريضٌ جدًا.
دُهش الراهب إذ رأى الشيخ جالسًا وبجواره رجل وقور جدًا.
قال الراهب الشيخ للشاب: "كيف دخلت دون أن يُسمح لك بذلك؟" فتدخل الضيف قائلًا: "دعه، فإن اللَّه يريده أن ينال بركة!"
استأذن الضيف وسلَّم على الراهبين، عندئذ سأل الشاب الشيخ: "من هو هذا الضيف الغريب؟" أجابه الشيخ: "إن آداب الرهبنة تقتضي ألاّ تسأل في أمرٍ لا يخصك!" أصرّ الشاب على التعرف على الضيف الفريد الذي عندما سلَّم عليه شعر بقوة تملأه، وأخيرًا قال له الشيخ:
[سأخبرك بشرط ألاّ تخبر أحدًا عنه حتى يوم رحيلي...
لقد عانيت من آلام]ٍ شديدةٍ وأحسست أنى غير قادر على القيام لفتح باب القلاية، لذلك تركت الباب مفتوحًا حتى تستطيع الدخول.
إذ اشتدت بي الآلام جدًا أمسكت بالكتاب المقدس مصدر تعزيتي، وقد عرفته ليس كتابًا للقراءة بل للقاء مع اللَّه الكلمة وملائكته وقديسيه من العهدين القديم والجديد. تعودت أن أمزج القراءة بالصلاة، وأدخل مع إلهي في حوارٍ ممتعٍ... فهو مصدر فرحي وسلامي وتعزيتي.
أمسكت بالكتاب المقدس، وإذ اشتدت بي الآلام جدًا أحسست بالحاجة إلى صديق يعزيني. إني محتاج أن أتحدث مع إرميا النبي الباكي. فتحت مراثي إرميا، ثم رفعت عيني إلى اللَّه صارخًا: "أرسل لي إرميا النبي يعزيني!" وإذ بدأت أقرأ في سفر مراثي إرميا ظهر لي إرميا النبي، ودخلنا معًا في حوارٍ معزٍ. وها أنت قد دخلت القلاية لتجده يتحدث معي، وكان لك نصيب اللقاء معه!]
-----------------------------
عزيزي المحبوب... بلا شك أنك محتاج مثلي إلى أصدقاء يلازمونك ويسندوك. ليس صديق أعظم من اللَّه الكلمة، تلتقي معه حين تقرأ الكتاب المقدس، أو الإعلان الإلهي المكتوب. خلاله تدخل في حوارٍ مع صديقك الإلهي بكونه الكلمة واهب الحياة، معطي اللذة، ومشبع النفس، فتقول مع المرتل:
"بكلامك أتلذذ"
"بكلامك أحيا"
"وجدت كلامك حلو فأكلته" مز119.
خلال الإعلان السماوي المكتوب يرفع الروح القدس قلبك وفكرك وكل أعماقك إلى السماء، فتسمع الصوت السماوي: "أنت سماء وإلى سماءٍ تعود!" لا تعود تسمع الصوت: "أنت تراب (أرض) وإلى ترابٍ تعود!".
لا تجعل قراءة الكتاب المقدس لك روتينًا تلتزم بتنفيذه ولا تهدئة لضميرك، وإنما خلاله تلتقي بالسمائيين مع القديسين تجد الكل معك يحبونك ويسندونك!