سمعتُ عن أُمٍّ فقدتْ ابنها،
فأصبحتْ في حسرة ومرارة وتذمُّر شديد.
وبقلبٍ مُثقَّل حزين، كانت تسير بمفردها بين الحقول،
حيث لاحظت فجأة قطيعاً من الخراف.
حاول الراعي أن يجعل القطيع
يعبُر فوق جِسر ضيِّق إلى حقلٍ آخر،
ولكن القطيع أَبَى بإصرار أن يضع أقدامه
فوق الجِسر الضيِّق المُتداعي، وأخذ القطيع
يدور يمنة ويسرة أو يدور حول نفسه،
كما تفعل قطعان الغنم في المُعتاد،
وفي إباء رفض القطيع أن يُطيع الراعي...
وأخيراً بعد أن غُلِب الراعي على أمره،
اختطف حَمَلاً صغيراً كان يضغط نفسه
في صوف أُمِّه ويحتمي بها، وحَمَله وعَبَر به
القنطرة الضيِّقة، ووضعه على العُشب الأخضر
في الجهة الأُخرى للجسر...
وللحال رَكَضت النعجة الأُم
وهي تثغو بصوتٍ عالٍ وعَبَرَت فوق الجِسر،
فما كان من باقي القطيع إلاَّ أن جرى وراءها.
لاحظت الأُم الحزينة كل هذا
وهي مُستمتِعة بمشاهداتها، وفجأة أدركت
أنَّ هذا لم يكن إلاَّ رسالة لها من الله،
وشعرت أنَّها لسنواتٍ طويلة
كانت تسير في عناد في طريقها الخاص
بدلاً من أن تسمع دعوة الله الراعي الصالح لها
وهو يقول: "تَعَالَيْ إليَّ"...
وها هو الآن قد أخذ ابنها الصغير
وحمله برفق إلى الجهة الأُخرى،
وكان جلّ قصد الله هو أن يدعوها أن تأتي إليه،
وأن يستخدمها لتقود آخرين في الطريق إليه.
وهذا ما حدث بالفعل، فقد سلَّمت حياتها
وكل قلبها للرب الذي استخدمها لتشهد لكثيرين
وتُساعدهم ليجدوا الطريق إلى الراعي الصالح.
ما حدث لهذه المرأة من خيبة أمل كبيرة
بسبب موت ابنها، صار لنفس هذه المرأة
بَرَكَة من أعظم البركات التي أخذتها في حياتها.
يسمح الله بمثل هذه الإحباطات،
ليستخدمها في أن يُشير لنا إلى طريق ملكوته
ومجده الأبدي..!!