زار أخٌ شيخاً وسأله قائلاً: «كيف حالك»؟
فأجابه الشيخُ قائلاً: «أسوأ الأحوال». فقال له الأخُ: «لِمَ ذلك»؟
فأجابه الشيخُ قائلاً: لأن لي ثلاثين سنةً وصلاتي خلالها عليَّ لا لي
لأني أقفُ قدام الله وألعن ذاتي وأقول ما لا أشتهي أن يخرجَ من فمي. إذ أقولُ: «ملاعين الذين حادوا عن وصاياك»، وأحيدُ عن الوصايا.
وأفعلُ الآثامَ وأقول: «لا تتراءف على فاعلي الإثم».
وأكذب كلَّ يومٍ وأقول لله: «إنك تُهلك كلَّ من يتكلم بالكذبِ».
وأحقد وأقول: «اغفر لنا خطايانا، كما نغفر نحن لمن أخطأ إلينا».
وأخطئ وأقول: «عندما يُزهر الخطاةُ ويعلو جميعُ عاملي الإثم، فهناك يُستأصلون إلى الأبد».
وآثم وأقول: «أبغضتُ جميعَ عاملي الإثم».
وهمي كلُّه في المأكل وأقول بين يدي الله: «نسيتُ أكلَ خبزي».
وأنامُ إلى الصباح وأقول: «في نصفِ الليلِ كنتُ أنهضُ لأسبِّحك».
وليس لي خشوعٌ ولا دموع وأقول: «تعبتُ في تنهدي، وصارت دموعي خبزاً لي نهاراً وليلاً، وبدموعي أبلُّ فراشي».
وأفكِّرُ فِكراً خبيثاً وأقولُ لله: «إن ما يتلوه قلبي هو لديك كل حين».
وليس لي صيامٌ وأقول: «ركبتاي ضعفتا من الصوم».
ونفسي متكبرةٌ وجسدي مستريحٌ وأقول لله: «انظر تواضعي وتعبي واغفر لي جميع خطاياي».
ولا استعداد لي وأقول: «مستعدٌ قلبي يا إلهي».
فقال الأخُ: «يا معلم، على ما يلوح لي، إن النبي قال ذلك عن نفسِه».
فتنهَّد الشيخُ وقال: «صدقني يا ابني إن لم نعمل نحن بما نصلي به قدام الله، فإن صلاتَنا تكونُ علينا لا لنا»