+ " لو تأنى يستجيب " +
عشت في بيت خالي و زوجته و أنا أظنهما أبواي إلي أن نبهني أحد المدرسين ، الذي ظن نفسه ذكيا ، إن هذا الرجل ليس والدي ، فصدمت كثيرا ولكن خالي أوضح لي إني تيتمت صغيرا و إنه مثل والدي . و كان دائما يصلي و يأخذني للكنيسة فتعودت في كل مرة أشعر بضيق أن أذهب للكنيسة في غير وقت الصلاة حتى أجدها هادئة و أسجد في الهيكل و أشكو الله همومي ثم أخرج هادئا متفائلا و أقابل الحياة بأكثر شجاعة .
و لكن هذه الحياة لم تدم طويلا فقد مات خالي و فهمت بذكائي من زوجته أن علي أن أبحث لي عن مكان آخر ، فشكرتها عما مضى و أخذت حقيبتي و ذهبت لمكان راحتي و بكيت في الهيكل و طلبت من الله أن يدبر أمري وظللت أسير في شوارع الإسكندرية حتى رآني اثنان من أصدقائي و عرفا قصتي ، فطلب مني أحدهما أن أنتظره غدا في نفس الميعاد .
و في الغد ، جاء فرحا يقول لي إن والده قبل أن يستضيفني حتى نهاية السنة ( الثانوية العامة ) فشكرته ، ولأن البيت كان صغيرا فقد كنت أذاكر تحت عمود النور بالشارع و كلما ضاقت بي السبل أذهب للهيكل و استمد قوة و أرجع بحماس كبير.
و دخلت الكلية و كانت منحة التفوق 9 جنيهات شهريا و لكن أين المبيت و الكتب و المصاريف ، فذهبت للهيكل و بكيت أمام صورة العذراء الحنون و رآني أبونا ، فسألني عن قصتي ، فحكيت له ، فقبل أن أسكن في بيت الطلبة مجانا . ففرحت جدا و شكرته و عملت في المساء في مقهى أقدم الطلبات و كلما جاء أحد زملائي ، شعرت بالخجل لكني عدت و قلت لنفسي إني لا أعمل خطية ، فلماذا أخجل ؟
أما راحتي فكانت في الهيكل قدام صور ة العذراء ، أحكي لإلهي عن أتعابي ثم أفتح الإنجيل فأجده حنونا يشفق علي مريم و مرثا من الحزن ، فيبكي معهم ، و يشفق على الخمسة آلاف أن ينصرفوا فارغين و يشفق حتى على الزانية و اللص ، فعاتبت إلهي و شعرت برغبة أن أقول له مزمور داود : إلي متى يارب تنساني ؟ و بكيت كثيرا حتى تعبت و نمت تحت صورة العذراء ، و إذ بي أراها جميلة منيرة ، يشع منها السلام و الفرح و قالت لي عبارة لن أنساها أبدا
” لو تأني يستجيب ”
ثم استيقظت و شعرت بقوة غريبة و تفاؤل عجيب . و ذهبت للمقهى و قابلت زميلا لي تهكم علي طالبا مني تنشيف الصينية بعناية ، فوجدت نفسي أنشفها له ثانية ببشاشة و أ قو ل له : أتفضل .
و تخرجت من كليتي بتقدير جيد جدا و كانت فرحتي عظيمة جدا، و ذهبت للهيكل وشكرت السيدة العذراء الأم الحنون . ثم فؤجت بعد أسبوع من النتيجة بوالد أحد زملائي الأثرياء يرسل لي ابنه ويطلب مني مقابلته ، فأصلحت هندامي القديم قدر الإمكان و ذهبت لمقابلته ، فأخبرني إنه يعرف قصة جهادي و تفوقي و إنه يطلبني للعمل لديه بمرتب مذهل .
ففرحت جدا و ذهبت الهيكل لأشكر إلهي و أشكر أم النور التي تشفع لي دائما .
و في خلال 3 سنوات كان مرتبي قد تضاعف عدة مرات ، و لم أعرف كيف أرد للرب كل حسناته ، فصممت أن أدفع عن طريق الكاهن أجرة مبيت الطلبة غير القادرين في بيت الطلبة . و كلما مرت بي ضائقة من إي نوع أعود بسرعة لأردد بكل ثقة كلمات السيدة العذراء
” لو تأني يستجيب ” .