“«لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ ٱلْوَاحِدَ وَيُحِبَّ ٱلْآخَرَ، أَوْ يُلَازِمَ ٱلْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ ٱلْآخَرَ. لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا ٱللهَ وَٱلْمَالَ.”
مَتَّى 6:24 AVD
عاش كلّ أيّام حياته وهو يكافح ، وبالدخل المحدود الذي كان يحصل عليه من عمله في ميناء "البيريه" اليونانيّ ، أستطاع أن يلبّي ، ولو بصعوبة ، أهمّ المطاليب الضروريّة لأسرته . لم يَعْتَدْ تدخين السجائر أو شرب الخمر ، أو قضاء إجازة آخر الأسبوع في مكان يتطلّب مالاً كثيرًا ، ولكنّه كان مولعًا بشراء ورقة اليانصيب كلّ يوم .
وفي أوائل شهر تشرين الأوّل من العام 1984 ، ربحت ورقة اليانصيب التي اشتراها مليون دراخم (العملة اليونانيّة في تلك الأيّام)*. فاستلم المبلغ ، وأودعه في المصرف باسمه .
ثم ّ، بعد أيّام قليلة ، فوجئ اليونانيّون بالعجوز "ألفتريوس فينامينس" يعلن تبرّعه بمليون دراخم للأعمال الخيريّة . أمّا هذا العجوز ، فكان تعليقه على دهشة الجميع إزاء تصرّفه هكذا : لقد عشت 70 سنة . قضيت أربعين منها مع زوجتي لم نتشاجر خلالها ولا مرّة واحدة . وأستطعت ، رغم دخلي المحدود ، أن أعلّم أولادي جميعهم ، وأمّنت لهم حياتهم مع أزواجهم . لقد عرفت أصدقاء جمعتني بهم الأيّام لا لشيء إلّا حبًّا بالصداقة الصافية . عملت بإخلاص وأمانة ، واضعًا أمامي وصايا الربّ يسوع وأقواله في الكتاب المقدّس . عندما ربحت المال الكثير ، وجدت آلاف الأصدقاء حولي ، وقد صاروا يتودّدون إليّ طمعًا في مالي ، فضحكت وقلت : ياه ، ما أكثر أصدقاء الأغنياء!! .
لم يتردّد ذلك العجوز في أن يعلن ، عندما اتّهمه الجميع بالجنون ، أن يقول : إنّني العاقل الوحيد في عالم يعبد المال ، ولا يعرف معنى السعادة الحقيقيّة النابعة من الإيمان والقناعة والتسليم لله .
+ أحبّاءنا ، يقول أحد القدّيسين : عسير على الغنيّ أن يدخل الحياة من أجل غناه لأنّه يحبّه ، ولا يهتمّ بالملكوت . يبدو أمام الكثيرين أنّ المال هو عصب الحياة ، فيتعبون حياتهم كلّها لاقتنائه والحفاظ عليه ، مع أنّ قول الكتاب المقدّس واضح "محبّة المال أصل لكلّ الشرور" (1تيموثاوس 6: 10). لماذا؟ لأنّه يجذب الإنسان نحو الأرضيّات والشهوات المختلفة ، فيتعلّق قلبه بها ، ويضيّع وقته وينحرف عن هدفه ، وهو الله ، ويعتمد على المال كقوّة يواجه بها العالم ، وكلّما استند عليه كلّما ابتعد عن الله . وعندما ينشغل المرء بأمواله ينسى الملكوت ، وتنقطع علاقته بالقدّيسين ، فلا يتشفّع بهم ، وتخمد ، تاليًا ، مشاعره الروحيّة ، ويضعف إيمانه وصلاته ومحبّته لله ، وتصبح لذّته في المادّيّات الزائلة ، التي كلّما كدّس أكوامها ، كلّما أشتاق إلى المزيد ، لأنّها تجعله لا يشبع أبدًا ...
صباح الخير .