توبة في الطائرة.. قصة رائعة
تعلن شركة.. عن قيام رحلتها رقم (707) المتَّجهة إلى باريس، الرجاء ربط الأحزمة وعدم التدخين فابتسمت ووضعت حزام الأمان وتمنَّيت من أعماق قلبي أن أستمتع برحلتي إلى باريس مدينة الفن والنور والجمال.
نحن الآن على ارتفاع (9) كيلومتر فوق سطح البحر المتوسط، وسرعة الطائرة (800 كم)، ودرجة الحرارة خارج الطائرة (50) درجة تحت الصفر، وسوف نصل باريس خلال (4) ساعات، فابتسمت مرَّة أخرى وبدأت استرجع معلوماتي عن باريس، فهي يوجد بها برج أيفل الشهير، ومتحف اللوفر الذي فاقت شهرته الآفاق، وقوس النصر، وقصر فرساي الشهير.
مرَّت ساعتان وأنا أُفكّر في هذه الرحلة الجميلة ووسائل الاستمتاع بها، وفجأة رأيت حركة غير طبيعية عند كابينة القيادة، وضجة شديدة، ورأيت علامات الرعب ترتسم على وجه المضيفات، وبصوت مرتجف قالت المضيفة: نرجو الهدوء وربط الأحزمة، فنحن نواجه الآن عاصفة شديدة جداً، فشعرت بتزايد ضربات قلبي وبالعرق الشديد على وجهي، فمن الواضح إن الأمر خطير للغاية، فقد كانت الطائرة تهتز من قوة العاصفة وكأنها مصنوعة من الورق!
في تلك اللحظات العصيبة تذكّرت حياتي الروحية، ولكن حياتي الروحية مليئة بالظلمات، وليس فيها ما يشفع فيَّ أمام الله، ومعظمها ما بين الفتور والسقوط، فكنت أعتقد أن سعادتي في الرحلات والفسح.. وكثيراً ما كان الصراع يتملّكني فكنت أريد أن أحيا مع الله وأعيش في الخطية! أُحب الله وأعشق الخطية! أقترب من الله ولا أبعد عن الخطية!
وبينما أُفكّر في ذاتي دون جدوى، ارتفع بكاء الأطفال وعويل النساء وصراخ الرجال، وتحول الموقف إلي مأساة حقيقية، فالطائرة تهتز والهواء يضرب u بجدران الطائرة بقوة وصفير الرياح كان بالنسبة لي أشبه بنداء الموت، وهنا تذكرت خطاياي وأنا أرى الموت بعيني، وندمت على أنَّني لم أحسم الصراع الذي كان يدور بداخلي بين الخطية وبين الله! لقد حسمته الآن ولكن بعد فوات الأوان! وعرفت قيمة قول سليمان الحكيم: باطل الأباطيل الكل باطل! فماذا انتفعت من شهواتي؟ وماذا ربحت من لذاتي؟
الآن أنتظر الموت ومصيري هو الجحيم، فقلت يا إلهي، لقد انتهى الصراع بداخلي ولكن هل هناك وقت للتوبة، فصرخت أطلب من الله أن يُعطني فرصة جديدة للتوبة، وفجأة اهتزّت الطائرة اهتزازة شديدة وبدت كأنَّها ستهوى إلي أعماق البحر واعتقدت أن القائد فقد السيطرة عليها، وشعرت بروحي وكأنَّها تنسحب مني، وصمت الكل من الخوف والرعب، وتجمد الموقف للحظات بدت كدهور، بعدها عادت الطائرة تحلق بهدوء واختفت العاصفة المخيفة بطريقة بمعونة إلهية.
وعندما وصلنا إلي باريس، لم يكن أحد يدري كيف حدثت هذه المعجزة! حتى قائد الطائرة كان مذهولاً ولكني كنت أعرف السبب، فقد أعطاني إلهي فرصة جديدة لأُثبت له إنني قد حسمت الصراع بين: الجسد والروح، الخطية والتوبة، وأخيرا تبدد الصراع الذي كان داخلي وعشت حياة توبة حقيقيّة مع الله، فضعوا أمامكم قول إيليا النبي " حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ. فَلَمْ يُجِبْهُ الشَّعْبُ بِكَلِمَةٍ " (1مل21:18 ).