كنت أحلم بالزواج من فتاة أُحبَّها، وأُنجب أطفالاً ألعب معهم فمحبَّتي للأطفال شيء لا أستطيع وصفه،
فأنهيت دراستي وعملت في شركة براتب 800 جنيه، ورأيت فتاة أحببتها ولم أتخيل حياتي بدونها!
وفي يوم أخبرتني عن وظيفة تُناسبني في شركة استيراد وتصدير براتب 1500جنيه، فتركت عملي ذهبت مُسرعاً، وبينما كنت أسير والفرح يغمرني، صدمتني سيارة كانت تقودها فتاة، فلم أشعر بنفسي إلاَّ وأنا على الفراش في المستشفى! وعندما استيقظت من الغيبوبة رأيت فتاة جميلة جداً تمسك بوكيه ورد وتقف أمامي وتنظر إليَّ بابتسامة حزينة! فسألتها: من أنتِ؟ وأين أنا؟ وماذا حدث لي؟ فقالت لي: إهدأ الآن وستعرف كل شيء في وقته، وبعد لحظات صرخت من ألم في رجلي، وعندما نظرت اكتشفت مأساتي فسوف أعيش بلا رجلين مدى الحياة، فانهارت أعصابي من هول الصدمة! وبكت الفتاة على ما فعلته.
لحظات قاسية مرَّت عليَّ.. بعدها اقتربت الفتاة من فراشي وشرحت لي ما حدث، فقمت بالاتِّصال بحبيبتي في الهاتف، فأتت مسرعة إلى المستشفى وعندما رأتني أُصيبت بصدمة، ثمَّ قالت: أسفة! أتمنى لك الشفاء! ثم انصرفت! وبعد نصف ساعة أرسلت لي رسالة على الموبيل تقول فيها: لا استطيع أن أُكمل المشوار معك! لقد جائني عريس وفي البيت يُريدون أن أتزوَّجه! وأغلقت هاتفها وعلمت بعد ذلك أنَّها قامت بتغيير رقمها! كل هذا والفتاة الجميلة تقف بجانبي تبكي وتنظر إليَّ بألم!
وحدث أُسبوعين سمح لي الدكتور بالخروج على كرسي متحرّك ورافقتني الفتاة، عندما دخلت المنزل صرخت بأعلى صوتي لأنِّي لم أستطع الحركة، وقلت: لماذا يارب تجعل حبيبتي تتركني؟ لماذا تجعل الوظيفة تذهب منِّي؟ لماذا تجعلني أحيا بقيّة أيامي عاجزاً؟ ولم يدُم حزني طويلاً بعد أن رأيت عمل الله معي، ففي يوم جاء استدعاء من الجيس وبالطبع لم أذهب، وذهب شخص من دفعتي فمات بسبب إنفجار بمستودع أنابيب الغاز القريبة من الوحدة، وعرفت أنَّ حبيبتي الأولى تزوَّجت أحد جيرانها وهي على خلاف معه يومياً لأنها تعاني من عقم، فحزنت عليها وشكرت ربِّي لأنِّي متعلِّق بالأطفال! وعندما كنت أتصفّح الجرائد قرأت أنَّ شركة الاستيراد والتصدير قد أعلنت إفلاسها بسبب ديون، البنوك مما دفعهم إلى طرد جميع العاملين بها فشكرت ربِّي على رحمته بي.
وطول هذه الفترة التي دامت أكثر من 70 يوم كانت تلك الفتاة الجميلة تزورني بمداومة، وتحضر لي كل مستلزمات المنزل، فأحببتها جداً، وفي يومٍ أتت وقالت لي هل تقبل الزواج منِّي؟ فارتعش جسمي وقلت لها ماذا تقولين؟ أنا لا أقبل الشفقة من أحد! فقالت ليست شفقة فأنا قد أحببتك! وقريباً سوف تعمل مديراً بشركة والدي، وكل عملك سيكون على مكتب ولهذا لا تقلق من ضعف الحركة فاندهشت جداً وقلت والدموع تنهمر من عينيّ:
سامحني يارب فقد عاتبتك وأنا لا أعرف عمق حكمتك وغنى رحمتك! فلولا هذا الحادث لتزوجت عاقر، لا تُحِب في الكون غير نفسها! وكنت قد ذهبت إلى الجيش لأكون مع الموتى مثل صديقي، وإن لم أمت لكنت الآن عاطلاً مثل غيري من العمَّال، الَّذين فقدوا وظيفتهم بعد إفلاس الشركة، فسامحني يارب لأنِّي بجهلٍ عاتبتك لاني تذكرت كلمات الكتاب المقدس":
† ونحن نعلم أن كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده"(رو٢٨:٨)