إذ خرج فيكتور عمانوئيل الثالث ملك إيطاليا إلى راكونيجي ليقضي فترة إستجمام أثناء الصيف خرج الإيطاليون في المنطقة لاستقباله.
تركوا بيوتهم وحقولهم ومواشيهم وكل أعمالهم ليروا الملك. لكن سيدة قررت أن تبقى في الحقل تحرس البيت وتحلب البقر وتهتم بالحيوانات والطيور حتى يعود زوجها وأولادها.
بينما كانت تحلب البقر سمعت طرقات على الباب .. فتحت الباب ووجدت إنسانًا يبدو عليه التعب الشديد والإرهاق. سألها الرجل كوبًا من اللبن. وإذ تعلم السيدة أن قليلين جدًا هم الذين يرغبون في شرب اللبن المحلوب حديثًا طلبت منه أن ينتظر قليلاً لتحضر له شيئًا من اللبن البارد الجميل. غابت ثم عادت تحمل اللبن وقطعة من الكعك، وقدمتهما للرجل الغريب. سألها الرجل: "لماذا أنتِ وحدك في المنزل؟"، فاضطربت جدًا وخافت منه، أما هو فبابتسامة عذبة طمأنها. عندئذ أجابته: "لقد ذهب زوجي وأولادي ليروا الملك".
- ولماذا لم تذهبي معهم؟
- لقد فضَّلت أن يذهبوا هم، وأبقى أنا في حراسة المنزل والقيام بكل الالتزامات.
- أما تشتاقين إلى رؤية الملك؟
- نعم أشتاق، لكن هم أولى مني برؤيته .. حينما يرونه أحسب نفسي قد رأيته.
- إنهم لن يروه اليوم. - لماذا يا سيدي؟
- لأن الملك ليس هناك، إنه هنا!
- أتمزح؟
- لا!
- ثم قدم لها الرجل عملة ذهبية .. فأدركت أنه ليس بشحاذٍ، ثم رفع قبعته وحيَّاها شاكرًا كرمها، أبصرت وجهه وعرفت أنه الملك. وفي لحظات ترك المكان ومضى!
+ بينما يبحث الكثيرون عنك وسط العظماء نزلتَ إلينا كفقير! تطلب كوب لبن بارد، وأنت تقوت المسكونة كلها! تسعى إلينا لعلك تجد أين تسند رأسك! إقبل قلبي متكأ لك! تجلّى في أعماقي فإن نفسي تشتهي رؤياك! لأراك خلال الإيمان الحي العملي، لأقدم لأخوتك الأصاغر مما وهبتني، فتُعلن ذاتك لي يا أيها النور الحقيقي.