دوبريه وخاتم الملك
عاش في وارسو، أيام حكم القياصرة وملوك أوربا، فلاح شاب يُدعى "دوبريه" كان متزوجًا وله ولدان وكان يعمل لدى أحد الإقطاعيين. وقد أصيب دوبريه بألم شديد في الظهر منعه من القيام بالأعمال الزراعية الشاقة. وبعد أن أمهله صاحب العمل لمدة شهرين، ولم يقدر على استئناف عمله كالمعتاد، قرر الإقطاعي فصله من العمل، وطلب منه إخلاء المنزل الذي يسكنه مع عائلته. وحدد له موعدًا نهائيًا لذلك. فضاق الأمر بتلك الأسرة الفقيرة...
كان دوبريه مؤمنًا حقيقيًا بالرب واثقًا بمواعيده، ولكن ذلك الاختبار الأخير كان أكبر من استيعابه حتى بدا له الأمر عسيرًا والمشكلة مستعصية. لكنه ظلّ متمسكًا بوعود الرب وبدأ يصلي بتضرع ودموع.
قبل موعد الإخلاء ببضعة أيام جمع عائلته وطلب من زوجته وولديه الركوع معه على أرض الغرفة وطلب المراحم من الله القادر على كل شيء. وبعد أن صلّوا بدموع وتضرع شعروا براحة في قلوبهم، فجلسوا وراحوا يرنمون ترنيمة يقول قرارها ما ترجمته: "ليس كما تفكر، ولا كما أفكّر، الله يُدبّر".
ما هي إلا لحظات حتى سمعوا نقرًا على طاقة في أعلى الجدار كانت مقفلة. وكان والد دوبريه قبل وفاته منذ فترة وجيزة قد ربّى غرابًا، فكان يتردّد إلى منزلهم من وقت لآخر ليحصل على بعض الطعام. وحينما فتحوا الطاقة إذا به يدخل وفي منقاره شيء لامع ألقاه إلى الأرض. التقطه دوبريه فإذا هو خاتم ذهبي مرصّع يبدو ثمينًا جدًا.
فرحت الأسرة بهذه الهدية وتأكدوا أنها جاءت استجابة لصلاتهم. ولكن دوبريه احتار في الأمر فلربما ليس له الحق أخلاقيًا أن يستولي على هذا الخاتم وهو لا يعرف لمن هو وكيف وجده الغراب.
قرر أن يذهب في اليوم التالي إلى القس ويطلب مشورته، وهكذا فعل. فلما تفحّص القس الخاتم وجد محفورًا بداخله اسم صاحبه وهو "ستاسلوف ملك بولونيا". فقرر أن يصطحب دوبريه إلى الملك وأخذ موعدًا لذلك. وفي الموعد المحدّد تقابلا مع الملك، وقدّم القس الخاتم إليه، ثم حكى له قصة تلك العائلة، وكيف صلّت فجاء به الغراب. فرح الملك بالعثور على خاتمه الذي كان قد أضاعه في رحلة صيد.
ولكنه تأثر أكثر من ذلك لحالة هذه الأسرة في ضائقتها ولقوة إيمانهم وأمانتهم. فأمر أن يُبنى لهم بيت صغير جميل في أملاك الملك، وأن تُرسم فوق عتبته العليا صورة غراب في منقاره خاتم،
وأن يُكتب تحت الصورة قرار الترنيمة "ليس كما تفكر، ولا كما أفكر، الله يدبّر".
" أَنْتَ الَّذِي أَرَيْتَنَا ضِيقَاتٍ كَثِيرَةً وَرَدِيئَةً، تَعُودُ فَتُحْيِينَا، وَمِنْ أَعْمَاقِ الأَرْضِ تَعُودُ فَتُصْعِدُنَا. " (مز 71: 20
عينهم الرب وينجيهم،ينقذهم من الاشرار ويخلصهم لانهم احتموا به مز 37: 40