اختيار الشريك/ بحسب عظة القديس يوحنا ذهبى الفم
الذهبي الفم يعطي أهمية كبيرة لموضوع اختيار الزوج أو الزوجة، ولهذا ينصح أن يبدأ هذا الأمر بالصلاة وبتسليم الأمر لله حتى ينال بركة منذ انطلاقته: "صلّي إلى الله وسلّمي أمرك إليه وهو يجازيك خيرًا لثقتك به في هذا العمل الخطير. عليك أن تتبعي قاعدتين: أن تسلّمي أمرك لله، وتفتشي حسب مرضاة الله عن رجل أديب صالح".
وهو إذ ينظر إلى الأمر على أنه هام وخطير فهو يحلله بطريقة بسيطة وسهلة ومنطقية جدا. فهو يقول مثلا: عندما نريد شراء بيت أو جلب خَدَمٍ إلى بيوتنا فعادة لا نهمل شيئا من الحيطة والتحفّظ والحذر والسؤال لنعرف كل المعلومات الضرورية. فكم ينبغي بالأحرى من الحيطة والحذر والتعمق عند البحث عن زوجة؟ هذا مع العلم أن الأمر مختلف جدا في الأهمية.
لأنَّ البيت الذي تشتريه تستطيع أن تبيعه أو تبدله إذا لم يعجبك، الأمر الذي لا يمكنك فعله مع من ارتبطت بها بواسطة الشريعة والناموس وأمام الله وكنيسته.
ينبغي إذًا اتخاذ الحيطة قبل الزواج في التفتيش عن الفتاة التي بين طباعي وطباعها توافق، الفتاة الطيبة الكريمة المطيعة. وبعد أن تكون قد فحصت كل شيء، ووزنت النتائج، وإذا حصلت عليها فإنك تربح شيئين مهمين جدا: الأول أنك لا تعود ترغب مطلقا في فصلها عنك. والثاني أنك تستطيع أن تحبها محبة لا حد لها.
كما ويحذر الذهبي الفم عند البحث عن الزوجة المناسبة ألا يكون المال والغنى والجاه ولا الحَسَبْ والنَسَبْ وجمال الجسد هي المعايير التي على أساسها سيتم الاختيار، فهذه الأشياء لا تدوم بينما الزواج دائم لهذا يطلب ممن يرغب بالزواج البحث أولا عن الأخلاق والفضيلة والتقوى وجمال النفس الضروريات جدًا لاستمرار الزواج وتكوين الأسرة الصحيحة لهذا يُنبِّه قائلا: " فلا نفحص في اختيار الزوجة عن أموالها، بل عن أخلاقها.
ولا نفتش عن امرأة ذات مال، بل عن امرأة تعرف أن تستعمل المال. ولنتساءل قبل كل شيء عن هدف الزواج، ولنتذكر لماذا رتَّب لنا الله الزواج وما هو هدفه". كما ويقول في موضع آخر: " أطلب إليكم ألا تفتِّشوا عن المال والثروة بل فتِّشوا عن المزايا الصالحة في الفتاة: عن الحِشمة والتقوى والوَرَع، فهذه تُغنيكم عن كنوز كثيرة وتقوم مقامها ...لا شيء أفضل من الأخلاق الصالحة، ولا شيء ألذ من الأدب، ولا شيء أكثر جاذبية من الحشمة".
أمّا في حالة كان الأهل هم من يفتشون عن الشريك المناسب لابنتهم، وهم الذين سيقررون من يكون فهو يخاطب الأم قائلا: "لا تطلبي مالاً ولا شهرة في النسب أو عراقة في الحسب، فإن هذا كله قليل الأهمية، لكن اطلبي التقوى والوداعة والعقل الثاقب ومخافة الله، إن كان يهمك مستقبل ابنتك وحياتها معه".
بعد الاختيار الصحيح الموافق لإرادة الله ووصاياه تبدأ الخطوات العملية باتجاه تكوين العائلة وهذا يبدأ تماما من حفلة العرس.