+ لسان حال الكثيرين...
كثيرًا ما يُحارب الشباب باليأس من الخلاص من الخطية.. ولسان حاله دائمًا...
أحاول القيام ولكني أفشل.. قد أقوم وسرعان ما أسقط.. كثيرًا وعدت إلهي بألاَّ أسقط.. وأعجز..
وأطلب وأفشل.. وكأنَّ الله لم يسمعني أولا يريد طهارتي.. نعم إنَّ شعوري بالإثم يتزايد.. ويكاد يقتلني.. وبالوعة اليأس تجذبني بشدة.. هل رفضتني كُلٌ الرفض.. هل فقدت بنوتي لك؟ نعم أشعر إني لا أستحق أن أكون ابنًا لك.. ولك الحق أن تتركني ولكني أتوسل إلى أبوتك أن تقبلني وترحمني.. فصارت نفسي عاجزة عن القيام وأيضًا ليس لي مسرة بسقوط.. فها أنا قد تركتك فلا تتركني..
وهنا أحب أن أطمئنك عزيزي الشاب فليس أجمل من هذه المشاعر التي يُسر بها الله.. وقد يسمح الله بنيران شهوات ثقيلة في داخلنا من أجل نفعنِا فهي تحفظ الإنسان في شوق وانكسار وتضرُّع أمام الله.. ورأينا كيف أنَّ تلميذًا اشتكى لُمعلٌّمه من شدة حرب الشهوة داخله فقدَّم له نصيحة غالية.. "لا بُد لك أن تُدرك خِداعات وخيالات العدو وحبائِله وفِخاخه... لأنك إن لم تعرف الروح الذي يقتُل.. فلن تعرِف الروح الذي يُحيي".
+ وكأنَّ الله يرد على قلب هذا الشاب...
لا تخف يا ابني أن تقترب إليَّ.. أنت ابني.. أنت إناء مختار لي.. أنا أعلم أنك ضعيف.. وقد تكون أهملت وانجذبت وانخدعت ولكني أرقُب جهادك.. وأفرح به.. وأجمع دموعك في زِق عندي.. فلا ينكسر قلبك لئلا تُبتلع من الحزن.. فلن يُسر قلبي حين أراك هكذا ساقطًا في اليأس هاربًا منى.. واعلم يا أبنى أنَّ سقوطك في اليأس أكثر إيلامًا لقلبي من سقوطك في الخطية.. أيهما أيسر على قلب الأب أن يُخطئ ابنه في حقه ثم يعود إليه.. أم يترك بيت أبيه هاربًا من وجهه.. خجلًا من خطيته؟!!
ثق أنَّ محبتي تقدر أن تغلب خطيئتك.. ومهما سقطت أقيمك.. لأني أحبك.. أنت ابني.. فليس عليك إلاَّ أن تجاهد بأمانة ولا تتحمل مسئولية النتائج.. وأصل في الابتعاد عن الأسباب.. قدِّس كيانك استمر في الضبط.. أُطلب.. ارفع قلبك.. اشبع.. استمر في عنادك المقدس فسوف تشتعل فيك شهوة الروح فتغلب شهوة الجسد.. سوف تذوق حلاوة النصرة.. وتقودك هذه المذاقة إلى مزيد من طلب الانتصار.. ثق في المسيح القادر أن يعطيك الغلبة.. حوِّل تنهداتك إلى إصرار ودموعك إلى عزيمة.
ألاَّ تشعر معي أنَّ الطهارة اقتربت منك جدًا واقتربت أنت أيضًا.. استمر.. النعمة تشملك.. واعلم أنَّ الخوف الشديد من السقوط فيها يُعد من أهم أسباب السقوط، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.. ولذلك ينبغي للمُهدد بالسقوط فيها أن يكون له قلب شجاع.. وأن تكون لديه القناعة بأنه يمارسها بمحض إرادته لأنه ترك نفسه لتأثيرات كثيرة خارجية وتجاوب معها بإرادته.. ولذلك فهو المسئول الأول عن الوقوع فيها وتحمُّل تبعاتِها.. قال القديس موسى الأسود "الحرية تُولِّد العفة ومكابدة الهموم تُولِّد الأفكار".
وثق أنَّ مجرد مرة واحدة تنجح بنعمة الله في الإفلات منها.. تُحسب وكأنك مُنقطع عنها فترات طويلة.. وتمسَّك بقول الأب دانيال "أنَّ كُلٌ مَنْ يُجاهد من أجل العفة يجد دالة عظيمة عند الله".
القس أنطونيوس فهمي