لكي نتمكن من تجاوز الصعوبات يجب علينا أن ننظر إلى صعوبات الحياة كخطوةٍ لا بدّ منها نحو الأفضل، وكمرحلةٍ عابرةٍ صعبةٍ لكن عابرة من مخطّطٍ صالح أوسع. وكضرورةٍ لولادة شيءٍ جديد. كما أخبر يسوع: “المرأة وهي تلد تحزن لأنّ ساعتها قد جاءت. ولكن متى ولدت الطفل لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح …”. من هنا تصير أتعاب الدراسة للمجتهد متعةً وللكسول عذاباً، وأتعاب التربية للأم فرحاً وللخادم مشقَّة.
وأيضاً أن نربط صعوباتنا برعاية الله. حين أخبر يسوع تلاميذه بما سيحصل، بالآلام والموت والعذابات…، بدأوا هم يخافون ويسألونه أين يذهب، وطرحوا عليه الكثير من الأسئلة، لأنهم خافوا على مستقبلهم وما سيحلّ بهم… أما هو فلم يجب على أسئلتهم الكثيرة بل اكتفى بقوله لهم “في ذلك اليوم (بعد اختبار الضيقات واجتيازها) لا تسألونني شيئاً… بل تطلبون باسمي… لأن الآب نفسه يحبكم…” تطلبون إجاباتٍ وأنا أعطيكم المعزّي وأرشدكم الى الآب. يطلب الإنسان الحذر والضمانات والبرامج و…، لكنّ الضمانة هي أنّ الآب يحبنا والمعزّي سيكون معنا. لم يلقِّن يسوع تلاميذه ما سيقولونه أو يحتجّون به عندما سيقادون للمحاكم من أجل اسمه، بل الروح نفسه سينطق بهم. طلب التلاميذ “طريقةً” لمواجهة الصعوبات الآتية، فأعطاهم المسيح “علاقة”. هم سألوا عما سيجري لهم، هو ذكّرهم بمَن سيكون معهم.
أخيراً، ماذا لو حاولنا العمل بوصية السيد، وجرى معنا ما جرى مع التلاميذ؟ لم يتذكروا أياً من الكلام الذي قاله لهم! هل نيأس ونحزن مثل بطرس؟ يبقى سرّ محبة السيد أكبر بكثيرٍ من أمانة التلميذ. إذ لا يقول السيد لتلاميذه، سترونني أيضاً وتفرحون، بل”أراكم”. مهما تراجعنا من قوّة التجربة، وحتى لو هربنا للحظة، “ولسنا بعد أهلاً أن ندعى أبناءً للآب”، فهو مَن سيأتي لملاقاتنا. لذلك أكّد السيد للمجدلية: قولي لإخوتي ولبطرس أني أنتظركم في الجليل، لأن بطرس كان غيرَ مستحقٍّ وغيرَ قادرٍ بعدُ أن يلاقي السيد، لكنَّ السيد كان ويبقى يريده ويريدنا.
الله علَّة الفرح، عندما نجعله علّة أعمالنا. الله علة الفرح، عندما نجعله الحلَّ لأزماتنا. هكذا يعطى لنا الفرح فيكون عملنا لخبز الفرح الباقي، ويثبت الفرح فينا ولا ينزعه أحدٌ منا. الفرح غاية أعمالنا ومعيار نجاحنا. افرحوا دوماً بالرب