الفراغ المخيف الذي خلفته الخدمة غير الروحية:
محاولة بعض القادة استخدام وسائل غير روحية لسد الفراغ الروحي، وذلك بخلق منفعة للشباب من انتمائهم للكنيسة حتى لا يشعروا أو ينتبهوا الى الفراغ الذي فيهم أو الى النقص الذي في الكنيسة لاشباع حياتهم، مستخدمين في سبيل ذلك منافع رياضية جسدية أو ثقافية أو اجتماعية أو حتى مالية. كل هذا فوق أنه يستحيل أن يملأ فراغهم الروحي فهو يزيد من احساسهم بافلاس الكنيسة روحياً. فالكنيسة ينبغي أن يكون انطباعها في ذهن الشباب انطباعاً روحياً مقدساً «بيتي بيت الصلاة يدعى».(مت١٣:٢١)، كما ينبغي أن يكون ذلك بالفعل. لأن الشباب اذا امتلأ بالصلاة وروح التقوى فسيكون هذا كفيلاً أن يتفاعل مع كافة أجواء العالم الفاسدة ويغلبها.
التجاء القادة الروحيين الى وسائل غير روحية لملء ”فراغ“ الشباب، هو خدعة. لأنه، وإن كان يسليهم ؤقتاً وإن كان يحفظهم لمدة سنة أو اثنتين، فهو كفيل بعد أن ينضج الشباب أن يجعله يحس بالفراغ الكبير الذي كان يعيشه في الكنيسة، لأنها بدل أن تعبئه بالروح القدس وتملأه بقوة الصلاة وتذيقه عشرة الحياة مع المسيح، ملأت فراغه بالأعمال والمشاريع والخدمات التي لم تبن روحه على شئ.
ومهما كانت الأعذار والأسباب في استخدام هذه الوسائل والتسليات والنشاطات التي تبدو اجتماعية وجميلة، فالسبب المختفي وراءها هو الافلاس من روح الصلاة الحقيقية والقدرة على جذب الشباب لممارسة العبادة والتقوى بوقار المسيح ورزانة الانجيل.
فاذا استطاعت الكنيسة أن تؤدي واجبها الروحي تماماً وكانت قادرة فعلاً على ملء حياة الشباب بالصلاة والخبرة الروحية، أصبحت كافة الوسائل غير الروحية وبقية النشاطات الاجتماعية زهيدة القيمة جدا في نظر الشباب وربما أحجموا عنها:
«لأن الرياضة الجسدية نافعة لقليل ولكن التقوى نافعة لكل شيء اذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة».(1تي8:4).
الأب متى المسكين
( كتاب"المسيحي في المجتمع"ص59 )