الصلاة هي من أكثر الأعمال المتعبة والمؤلمة، لذلك يشدد الرسول بولس على أن المواظبة على الصلاة والسهر فيها بالشكر (كو ٤: ٢) هما عمل الذهن.
فالذهن المتطاير والسيئ التعلم بسبب التشتت والفضول، لا يحلو له أن يحد أو أن يكون أسيراً في السجن.
هذا الأمر يستمر إلى أن تفتح النعمة باب الشعور بالله.
عندما يحدث ذلك، فإن الذهن يرغب ألا يبتعد عن حلاوة الإتحاد بالله، التي بها يجد غذاء الملائكة وحنوهم، مجد الأبرار وفرحهم، وطعم الحياة الأبدية.
عندما تتزعزع النفس وتتكاسل، لا يتحرك الذهن للصلاة، إذاك نستنبط طرقاً للنهوض تماماً كما تقدم المقبلات لفاقدي الشهية.
من الطبيعي أن الذين ذهنهم:
"مبني على الأمور الشريرة".
(تك ٨: ٢١).
الذين تؤثر فيهم هذه الأمور الكثيرة لا يرغبون بالصلاة.
عندئذ، علينا أن نحرك ذواتنا بأفكار ورؤى مختلفة، فنوجه ذهننا إلى آلام يسوع المسيح مشكلين في دواخلنا إيقونة الصلب، ومتأملين في الاستشهادات الكثيرة لآلاف عاشقي إيماننا، منسجمين مع ما سبق وحدده الله، ككائنات مخلوقة على صورة جابلنا.
هذه الأمور توقف الذهن البليد إلى الإحساس بالواجب، وخصوصاً عندما يمزج مع تقريع الذات.
وهذا يحرك نفوسنا ويحفزها من البداية إلى حالة الندامة.
كان الشيخ المغبوط إفرام يقول لنا:
"في مثل هذه الحالة من الموت والتعاسة، كنتُ أتخيل نفسي واقفاً أمام المحكمة المخيفة في
المجيء الثاني، وأرى سيدنا بعد إصدار حكمه، يأخذ أبراره ويذهب بهم إلى الملكوت الأبدي، ولا يأخذني معهم، وأشعر أنه ليس لي رجاء آخر أن أراه مجدداً أو أن أحظى بالرحمة، فأبدأ بالصراخ وبذرف الدموع".
ولكن كل الصور والأشكال والمعاني التي وضعناها في البداية لكي نغصب ذهننا على الصلاة، يجب أن نتخلى عنها عندما تستقر الصلاة في داخلنا لأن استمرار وجودها سيجلب لنا التشئت ساعة الصلاة لسنا بحاجة لشكل أو صورة ولا خيال بل إلى ذهن صاف.
يبقى توجه الذهن فقط نحو الله، إذ إن النعمة ستجذبه أول شعور وهو الفرح ومن ثم يأتي كل ما وصفه لنا الرسول بولس:
"وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ، تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ."
(غلاطيه ٥: ٢٢-٢٤)
من كتاب الطاعة هي الحياة