ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1860 ﻡ, ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﺭﻣﻴﻨﻴﺎ, ﺍﻟﻤُﺤﺘﻠَّﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ, ﺗﺎﺟﺮ ﻣﺴﻴﺤﻲ ﺗﻘﻲ , ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴَّﺔ ﻋﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ.
ﺃﺭﺍﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﺃﻥ ﻳُﺮﺳِﻞ ﺑﻀﺎﻋﺔ ﺇﻟﻰﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃُﺧﺮﻯ, ﻭﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺳﻜﻚ ﺣﺪﻳﺪﻳَّﺔ, ﻓﺈﻧَّﻪ ﺣﻤَّﻞ ﺍﻟﺒﻀﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻓﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﺍﺏ, ﻭﺍﺻﻄﺤﺒﻬﺎ ﻟﻴُﻮﺻِّﻠﻬﺎ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺣﻞَّ ﺍﻟﻠﻴﻞ, ﻓﻨﺼﺐ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﺧﻴﺎﻣﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ, ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻛﺮﺍﺩ ﻳﺘﻌﻘَّﺒﻮﻧﻪ ﻟﻴﺴﺮﻗﻮﻩ. ﻭﺗﺤﺖ ﺟﻨﺢ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺍﻗﺘَﺮَﺑﻮﺍ ﻟﻠﺴﺮﻗﺔ, ﻭﻟﻜﻨَّﻬﻢ ﻭﺟﺪﻭﺍ, ﻭﻟﺪﻫﺸﺘﻬﻢ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪﺓ, ﺣﻮﺍﺋﻂ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻛﺄﺳﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﻓﻠﺔ, ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻮﺍﺋﻂ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ! ﻓﺄﺗﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ, ﻓﻮﺟﺪﻭﺍ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﻮﺍﺋﻂ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳُﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺮﻗﻮﻫﺎ ﺃﻭ ﻳﺘﺴﻠَّﻘﻮﻫﺎ. ﺛﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ, ﺫﻫﺒﻮﺍ ﺃﻳﻀًﺎ, ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﺷﺮﻭﺧًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ ﺃﻣﻜﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺬﻭﺍ ﻣﻨﻬﺎ .
ﺍﻗﺘﺮﺏ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ”ﻟﻘﺪ ﺗﺎﺑﻌﻨﺎﻛُﻢ ﻣﻨﺬ ﺧﺮﻭﺟﻜُﻢ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﻛﻢ, ﻭﻛُﻨَّﺎ ﺎﺯﻣﻴﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﻠﺒﻜُﻢ, ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﺣﻮﺍﺋﻂ ﺷﺎﻣﺨﺔ ﺣﻮﻟﻜُﻢ, ﺇﻻَّ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺷﺮﻭﺧًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ؛ ﻓﻨﻔﺬﻧﺎ ﻣﻨﻬﺎ.
ﺇﻧَّﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﻤﺴَّﻜُﻢ ﺑﺴﻮﺀ ﺇﻥ ﺃﺧﺒﺮﺗﻤﻮﻧﺎ ﻋﻦ ﺳِﺮِّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻮﺍﺋﻂ“.
ﻓﺎﻧﺪﻫﺶ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻭﻗﺎﻝ” :ﻳﺎ ﺻﺎﺣﺒﻲ, ﺇﻧِّﻲ ﻟﻢْ ﺃَﺑﻦِ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻮﺍﺋﻂ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻋِﻠﻢ ﻟﻲ ﺑﻬﺎ, ﻭﻟﻜﻨِّﻲ ﻛﻨﺖُ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺃُﺻﻠِّﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﺣﺮﺍﺳﺘﻪ ﻭﺣﻔﻈﻪ. ﺇﻧَّﻨﻲ ﺃﺛﻖ ﻓﻴﻪ ﺃﻧَّﻪ ﻳﺤﻔﻈﻨﻲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺮ. ﻭﻟﻜﻦ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺭﺣﺔ ﺃﻧَّﻨﻲ ﻛﻨﺖُ ﻣُﺘﻌَﺒًﺎ ﺟﺪًّﺍ ﻭﻣُﺮﻫَﻘًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻔﺮ, ﻓﺮﻓﻌﺖُ ﺻﻼﺓ ﺿﻌﻴﻔﺔ, ﻭﺭﺑَّﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻷﺟﻠﻪ ﺭﺃﻳﺘُﻢ ﺷﺮﻭﺧًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ!“
ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﻟﻴﺠﻌﻞ ﺃُﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﻛﺮﺍﺩ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻳُﺴﻠِّﻤﻮﻥ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ, ﻭﻳُﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﺮﺏ ﻳﺴﻮﻉ ﻭﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﺧﻼﺻﻪ, ﺑﻞ ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﻣُﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﺗﻘﻴﺎﺀ. ﺃﻣَّﺎ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﺍﻷﺭﻣﻨﻲ, ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺲَ ﻗﻂ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮﺥ ﻓﻲ ﺟﺪﺍﺭ ﺣﻴﺎﺗﻪ.
† الصلاة جسر لاجتياز التجارب وسور فى وجه الأحزان
القديس يوحنا الدرجي