رؤية القدّيسة بيلاجيا وإكتشاف أيقونة بِشارة العذراء
في العام ١٨٢١ أُرسلت والدة الإله رِسالتها الأولى إلى رجل من تينوس يدعى ميخائيل.
قالت له إن أيقونتها قد دُفنت تحت كنيسة قد دُمرت في منتصف القرن العاشر.
وأشارت إلى الموقع الدقيق للأيقونة الذي إتضح أنه على أرض يملكها رجل إسمه أنطونيوس دوكساراس، على التلة فوق المدينة الحالية.
وقد طلبت والدة الإله من ميخائيل أن يتم التنقيب عن أيقونتها وإعادة بناء كنيسة فوقها.
ثم وجَّهته إلى المكان وطلبت منه أن يحفر.
فأقنع ميخائيل بعض الأصدقاء بالذهاب معه إلى الأرض وحفروا لكنهم وجدوا فقط جداراً رومانياً قديماً.
فخاب أملهم وإستسلموا.
إستمر ميخائيل بالتكلم عن هذا الموضوع، ولكن لم يصدقه أحد.
ثم في تمّوز من العام ١٨٢٢، إذ ظهرت والدة الإله للراهبة بيلاجيا.
فقد شاهدت في رؤيا ملكة في وسط نور أكثر إشراقاً من الشمس، وتحدثت إلى الراهبة.
قالت لها إنها تريدها أن تخبر رجلاً يدعى كانغاديس بأنها تريد منه أن يجد موقع كنيستها على الفور، وذلك بالقرب من مدينة تينوس على أرض أنطونيوس دوكساراس.
وكانت التعليمات أنه يجب على كانغاديس البحث عن الموقع وتنظيم إعادة بناء الكنيسة.
وقد أرادت والدة الإله إعادة بناء هذه الكنيسة بشكل رائع.
لم تُجب بيلاجيا بشيئ.
كانت خائفة من رؤيتها، فقد كانت تعرف أمثلة كثيرة عن ظهور ملاك الظلام للبشر كملاك من نور.
وفي يوم الأحد التالي ظهرت المرأة للراهبة مرة أخرى.
أصرت عليها بأن تُعلم الرجل كانغاديس بإرادتها ووعدت بأنها ستهتم بمصاريف إعادة البناء.
فسألتها الراهبة:
"لماذا تعتقدين بأن هذا الرجل سوف يعيد بناء كنيستك بهذا الجمال؟"
فكان جوابها:
"لأنني أقول ذلك، إفعلي فقط ما طلبت منكِ، ولا تبحثي عن السبب."
وترددت بيلاجيا وتسائلت:
لمَ تطلب مني سيدة الملائكة المساعدة؟
ولماذا إختارتني أنا؟
وفي الأحد الثّالث، وكان ذلك في ٢٣ تمّوز ١٨٢٢، حدثت الرؤيا من جديد.
هذه المرة كانت والدة الإله غاضبة ورددت على بيلاجيا بوجوب أن تخبر كانغاديس عن ضرورة بناء الكنيسة لتكريمها وإيواء أيقونتها.
هذه المرة سألتها بيلاجيا عن إسمها، فأجابتها:
"الناس يدعونني "البِشارة" فإني أُعلن فرحاً عظيماً للأرض".
عندها فهمت بيلاجيا مَن كانت تقف أمامها.
فصرخت:
"المجد لإرادة ربنا الإلهية!".
وأسرعت إلى رئيسة الدير لتخبرها بكل شيئ عن رؤيتها.
وقد أخبرت عن رؤيتها ثلاثة أشخاص:
رئيسة الدير، والرجل كانغاديس الذي سمَّته والدة الإله، والمطران غبريال، مطران تينوس.
فأعطى المطران بركته وجمع الكهنة وأعضاء السلطات المحلية وعامة سكان تينوس وأخبرهم عن رؤى الراهبة بيلاجيا وطلب من كل شخص أن يفعل كل ما يمكن للبحث عن الأيقونة المقدّسة.
ولكن صاحب الأرض كان في القسطنطينية وكان حقله مزروعاً، فتم تأجيل الحفريات إلى ما بعد الحصاد.
في أيلول ١٨٢٢ بدأت الحفريات ولكن لم يتم العثور على أنقاض الكنيسة.
فتضائل حماس الناس وتوقف التنقيب.
ولكن مع وقف الحفريات ضرب وباء الكوليرا السكان وزوار تينوس وإرتفعت الوفيات.
ثم مرضت زوجة كانغاديس وشقيقتها.
كل ذلك جعل كانغاديس يتفكر في رؤى الراهبة بيلاجيا أكثر.
فأدرك أن والدة الإله قد أمرته بإعادة بناء كنيستها وهو فشل في القيام بذلك.
فذهب كانغاديس إلى الأسقف غابريال وطلب منه تزويده بالمساعدة لإستئناف الحفريات.
فما كان من المطران إلا أن ناشد الناس، سكان تينوس وزوار الجزيرة، أن يمدوا يد المساعدة للحفر ولإعادة بناء الكنيسة.
ثم حضر ٤ أشخاص للعمل في الحفر، ولكي يباركهم المطران، أرسل صبياً صغيراً لإحضار الماء وفجأة ظهر بالقرب منهم ينبوع ماء.
عندها فهم الجميع بأن الله يبارك عملهم، وبهذه الماء تمّ نضح الكنيسة.
وفي غضون أيام تم العثور على جدران قديمة ومذبح مقدس.
وبدأ العمل لإعادة البناء في ٢٥ شباط بإتّباع مقاييس الكنيسة القديمة بدقة.
ففي ٣٠ كانون الثّاني ١٨٢٣، وأثناء الحفر، ضرب أحد العمال بمعوله قطعة من الخشب فقطعها.
فإلتقطها العمال ووضعوا القطعتين معاً ونظفوهما، فوجدوا بأنها جزء من أيقونة الكلية القداسة.
بالطبع كان الزمن قد ترك آثاره عليها وقد حُرقت من جهة الظهر.
ما أن تم تنظيف الأيقونة تماماً حتى ظهر رئيس الملائكة جبرائيل يمسك زنبقة إلى العذراء مريم، أي أنها أيقونة البِشارة.
وعلى الرغم من كل السنوات التي مرت والنار التي أحرقتها، لم تختفِ الصورة تماماً.
فهم الناس أنهم قد عثروا أخيراً على الأيقونة المقدّسة.
فركعوا أمامها وصلّوا ثم سلّموها للمطران غبريال.
وتناقل الناس أخبار إكتشاف الأيقونة المقدّسة بسرعة هائلة في كل أنحاء تينوس والجوار.
وتدفقت الجموع من كل ناحية لتكريم الأيقونة، على أمل أن ينتهي وباء الكوليرا مع إكتشافها.
ولم يخب أملهم...
فقد حدثت المعجزة وشُفي الناس.
بعضهم تناول من التراب الذي كان لا يزال يغطي الأيقونة وفرك به المصاب بالكوليرا، فتمّ الشفاء.
مباشرة بعد إكتشاف الأيقونة المقدّسة، إتُخذ القرار بإعادة بناء الكنيسة بأكملها.
فحُفرت أساساتها وبدأ المبنى الجديد بالإرتفاع.
كان طوله ١٩.٥ متراً وعرضه ١٢.١ متراً.
مثل هذا المبنى الكبير يحتاج إلى مزيد من الأيدي والمزيد من المال.
في هذه الأثناء، كان تدفق الحجاج يتنامى.
لم يذهب أحد من دون أن يحمل مساعدة للكنيسة.
وهكذا وفت والدة الإله بوعدها إذ تم جمع المال من الحجاج لبناء كنيستها.
وما زال الناس حتى اليوم يتدفقون على هذه الكنيسة والأيقونة العجائبية تستمر في إعطاء الفرح والأشفية للجميع.
شفاعتها تكون معنا، آمين