إن طول فترة الحمل في رحم العذراء مريم هي إنذار مسبق للشركة غير المنقطعة التي للقديسين في الملكوت. معروف أن بين الأم والطفل الذي تحمله في رحمها علاقة عضوية. لقد برهن الباحثون المعاصرون أن الطفل يتأثر كثيراً ليس فقط بوضع أمه الجسدي، بل أيضاً ببنيتها النفسية. وبما أن الطفل الإلهي قد حبل به بالروح القدس لكنه نما بطريقة طبيعية فهو كان في شركة مع جسد العذراء مريم، ولهذا السبب يوجد علاقة حميمة بين المسيح ووالدة الإله. طبيعياً، نرى من وجهة النظر هذه أن العذراء مريم تعطي دمها للمسيح، لكنه هو أيضاً يعطيها نعمته وبركته. إلى هذا، فالمسيح مع كونه محمولاً في الرحم لم ينقطع عن كونه في الوقت نفسه جالساً على عرش الآب متحداً بأبيه وبالروح القدس.
لقد اتحدت الطبيعة البشرية بالإلهية تلقائياً عند لحظة الحمل من دون تغير أو تشوش أو انقسام أو انفصال. هذا يعني قبل كل شيء أن العذراء مريم تذوقت خيرات التجسد الإلهي . لقد عاشت العذراء مريم، منذ اللحظة الاولى للحمل ووجود الجنين في الرحم، كل ما تذوقه تلاميذ المسيح في العنصرة، وما نحياه نحن من خلال المعمودية، وفي سر الإفتخارستيا الإلهية عند اشتراكنا بجسد المسيح ودمه وما سوف يحياه القديسون في الملكوت.
بالنتيجة لقد غذى المسيح العذراء مريم بدمه المقدس لمدة تسعة أشهر كاملة، ليلاً ونهاراً. إن هذا إعلان مسبق عن الشركة الإلهية غير المنقطعة والعلاقة المتواصلة بين القديسين والمسيح والتي سوف تتم في الحياة الثانية بشكل أساسي. لهذا السبب، العذراء مريم هي إعلان مسبق عن الزمن الآتي. ومن هذا المنظار في الفردوس.