بقلم نيافة الأنبا رافائيل
أنتِ أرفع من السمائين وأجل من الشاروبيم، وأفضل من السيرافيم، وأعظم من طغمات الملائكة الروحانيين.
أنت فخر جنسنا، بك تكرم الطهارة والعفة الحقيقة، اذ تفضلت على الخلائق التى ترى عظمة وكرامة الرب المسجود له الذى اصطفاك وولد منك.. (من أجل هذا كرامتك جليلة
وشفاعتك زائدة فى القوة والإجابة كثيراً..)
(من ميمر للأبنا بولس البوشى).
تقدم كنيستنا القبطية للعذراء مريم تطوبيا وافراً وتمجيداً لائقاً بكرامتها السامية. وإذ نتتبع صلوات التسبحة اليومية ومزامير السواعى والقداس الإلهى نجد تراثاً غنياً من التعبيرات والجمل التى تشرح طوباويتها وتذكر جميع الأوصاف التى خلعتها عليها الكنيسة، وهى مأخوذة عن أصالة لاهوتية، وكلها من وضع آباء قديسين ولاهوتيين، استوحوها من الله، ومن رموز ونبوات العهد القديم، التى تحققت فى شخصية العذراء
فى الابصلمودية المقدسة السنوية:
وهو الكتاب الذى يحوى التسبحة اليومية.. نجد فى الأيام العادية تمجيداً لاسم السيدة العذراء فى بدء صلاة نصف الليل فى القطعة الخاصة بالقيامة نخاطبها قائلين: "كل الأفراح تليق بك يا والدة الإله، لأنه من قِبَلك أرجع آدم إلى الفردوس ونالت الزينة حواء عوض حزنها" ونطلب شفاعتها فى آخر لبشين (أي تفسيرين) للهوس الأول والثانى، وكذا فى أول صلاة المجمع.
وهناك ثلاثة ذكصولوجيات (أى تماجيد) خاصة بالعذراء تقال فى صلاة عشية ونصف الليل وباكر، تحوى كثيرا من العبادات التى تمجد طوباويتها مثل: "زينة مريم فى السماويات العلوية عن يمين حبيبها تطلب منه عنا".
وفى نهاية كل ذوكصولوجية نكمل: "السلام لك أيتها العذراء الملكة الحقيقة الحقانية السلام لفخر جنسنا لأنك ولدت لنا عمانوئيل، نسألك اذكرينا أيتها العفيفة الأمينة لدى ربنا يسوع المسيح ليغفر لنا خطايانا".
وحسب النظام الأساسى للتسبحة اليومية تصلى المقدمة والهوسات الثلاثة الأولى ومديح الثلاثة فتية، المجمع، والذكصولوجيات، فالهوس الرابع ثم ابصالية اليوم وتذاكية اليوم (التذاكية هى تمجيد لوالدة الإله العذراء).
فى رفع بخور عشية وباكر:
ترتل أرباع الناقوس بعد صلاة الشكر، وفيها تختلف الجمل، نرسل بها السلام للعذراء فى الأيام الواطس أو الآدام ثم نكمل: "... السلام لك يا مريم سلام مقدس. السلام لك يا مريم أم القدوس" وتصلى القطع التى تسبق قانون الإيمان وأولها: "السلام لك أيتها القديسة" وبعض الذكصولوجيات وقانون الإيمانترتل أرباع الناقوس بعد صلاة الشكر، وفيها تختلف الجمل، نرسل بها السلام للعذراء فى الأيام الواطس أو الآدام ثم نكمل: "... السلام لك يا مريم سلام مقدس. السلام لك يا مريم أم القدوس" وتصلى القطع التى تسبق قانون الإيمان وأولها: "السلام لك أيتها القديسة" وبعض الذكصولوجيات وقانون الإيمان
فى مزامير السواعي:
رتبت الكنيسة فى صلاة الأجبية قطعا مختارة بعد إنجيل كل ساعة فى نظام دقيق، تختص القطعة الثالثة دائماً بطلب شفاعات العذراء. وفى بعض هذه القطع تلقب العذراء بأنها الكرمة الحقانية الحاملة عنقود الحياة، والممتلئة نعمة، سور خلاصنا الحصن المنيع غير المنثلم، باب الحياة العقلى.
فى القداس الإلهى:
هنا يجرى ذكرى تطويب العذراء فى حوالى عشرة أجزاء مثل:
فى لحن البركة:
وقبل رفع الحمل يقال النشيد الكنسى للعذراء ومطلعه: "السلام لمريم الملكة الكرمة غير الشائخة...".
بعد صلاة الشكر:
ترتل فى الصوم المقدس أعداد من (مزمور 87) الذى يشير إلى العذراء باعتبارها مدينة الله المقدسة وهى: "أساساته فى الجبال المقدسة..".
عند رفع بخور البولس:
يقال فى الأعياد وأيام الفطر لحن: "هذه المجمرة الذهب...".
قبل وبعد قراءة الابركسيس:
ويتغير المرد الخاص بالعذراء فى خمس مناسبات من السنة القبطية.
مردات الإنجيل:
وهذه تختلف فى الأحدين الأولين من شهر كيهك عنها فى الأحدين الآخرين، فضلاً عن طلب شفاعتها فى أيام السنة العادية بعد تطويب قديس كل يوم.
فى قانون الإيمان:
أبرزت الكنيسة أهمية شخصية العذراء مريم كوالدة الإله فى التقليد الكنسى، بعد انعقاد مجمع أفسس مباشرة سنة 431م، وذلك لضبط مفهوم التجسد الإلهى ومقاومة بدعة نسطور؛ وهكذا أضافت مضمون العقيدة التى أقرها هذا المجمع فى مقدمة قانون الإيمان والتى مطلعها: "نعظمك يا أم النور الحقيقى...".
اسبسمسات أدام وواطس:
هى تقال بعد صلاة الصلح وقبل قداس المؤمنين وأشهرها "اِفرحي يا مريم العبدة والأم...".
فى مجمع القديسين وبعده:
طبقاً لمركز العذراء فى الطقس الكنسى يطلب الكاهن شفاعتها على رأس قائمة أعضاء الكنيسة المنتصرة فى صلاة المجمع، وكذا فى صلاة البركة والطلبة الختامية، ثم تردد قطعة: "بصلوات وشفاعات ذات كل قداسة الممجدة الطاهرة المباركة...".
ما يقال فى التوزيع:
يردد لحن "خبز الحياة الذى نزل من السماء واهب الحياة للعالم، وأنت أيضا يا مريم حملت فى بطنك المن العقلى الذى أتى من الآب...".
من بعد هذا العرض السريع للترتيب الكنسى الخاص بالسيدة العذراء، نلاحظ مقدار الغنى والوفرة فى الصلوات والتسابيح المخصصة لتطويب وتمجيد العذراء مريم، كما تقضى الكنيسة يوميا عدة ساعات فى تكريم العذراء بالتسابيح الرائعة والألحان الدقيقة والمردات التشفعية المنسكبة.
ليتنا نقارن ذلك بكمية علاقتنا الشخصية بالعذراء مريم فى واقعنا اليومى، لتنطلق قلوبنا وألسنتنا على الدوام، لنمجد هذه التى قالت عن نفسها: "هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى".