ومرة أخرى (نقول)، لو كان الابن مخلوقا لظل الإنسان مائتا كما كان قبلاً، حيث إنه لم يتحد بالله فإنه لا يسطتيع مخلوق أن يوحد المخلوقات مع الله، إذ أنه هو نفسه فى حاجة لمن يوحده بالله وليس فى وسع جزء من الخليقة أن يكون خلاصا للخليقة إذ هو نفسه فى حاجة إلى الخلاص ولكى لا يحدث هذا أرسل الله ابنه وصار ابن الإنسان بأتخاذه الجسد المخلوق. وحيث إن الجميع كانوا خاضعين للموت، وكان هو مختلفا عن الجميع فقد قدّم جسده الخاص للموت من أجل الجميع. إذن حيث إن الجميع ماتوا بواسطته هكذا قد تم الحكم (إذ أن الجميع ماتوا في المسيح). وهكذا فإن الجميع يصيرون بواسطته أحرارا من الخطية ومن اللعنة الناتجة عنها، ويبقى الجميع على الدوام قائمين من الأموات ولابسين عدم موت وعدم فساد. وكما قلنا مراراً وتكرارًا فإن الكلمة بلبسه للجسد بدأ يُبطل منه كلية كل لدغة من لدغات الحية، ويقطع منه أى شئ ينبع من حركات الجسد، ويُبطل معها أيضا الموت الذى يتبع الخطية كما قال الرب نفسه: «لأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ». وحيث إن أعمال إبليس قد نُقِضَت من الجسد فقد تحررنا جميعًا بسبب علاقتنا بجسده، وصرنا متحدين مع الكلمة ولأننا متحدون مع الله فلن نمكث كثيراً بعد على الأرض، بل كما قال هو نفسه «حيث يكون هو هناك نكون نحن أيضا». وعندئذ لن نخاف الحية بعد لأنها أبطلت بواسطة الجسد بعد أن طردها المخلّص عندما سمعت «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ». وهكذا طرد خارج الفردوس وألقى فى النار الأبدية. ولن نحترس بعد من المرأة التى خدعتنا لأنه فى «الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلَا يَتَزَوَّجُونَ بَلْ يَكُونُونَ كَمَلَائِكَةِ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ». وستكون خليقة جديدة في المسيح يسوع «لَيْسَ ذَكَرٌ وأُنْثَى». بل سيكون المسيح الكل في الكلّ، وحيث يكون المسيح فأى خوف أو خطر يكون هناك؟
البابا اثناسيوس الرسولي
ضد الآريوسين 69:2