من المعلوم يا أخوتي أن كل منا يطلب راحته وسروره إلا أنه لا يطلب ذلك كما يجب ولا حيثما يوجد فالأمر يتوقف على تمييز السرور الحقيقي من السرور الكاذب وبالعكس فإننا غالبًا ما نخدع بخيالات السرور الباطل والخير الكاذب.
فالبخيل والمتجبر والشره والشهواني وكل منهم يطلب السرور إلا أن هذا يضع سروره في جمع غنى وافر وذاك في شرف الرتب والكرامات وهذا المأكل والمشارب اللذيذة وذاك في أن إشباع شهواته النجسة ليس منهم من يطلب سروره كما يجب ولا حيثما يوجد من ثم لا يجده أحد منهم رغم أن الكل يشتهونه.
فكل ما هو في العالم لا يقدر أن يشبع النفس ويخول لها سرورًا حقيقيًا فلماذا إذًا تتعب أيها الإنسان الغبي وطوف باطلًا في أماكن كثيرة متوقعًا أن تجد خيرات تملأ بها نفسك
وترضي بها جسدك؟!!
أحبب خيرًا واحدًا يحوي جميع الخيرات ففيه وحده تجد الكفاية.
+ استرح إلي الخير الواحد العظيم العام ففيه الكفاية عن كل شيء. وأما أنت يا نفسي فباركي الرب الذي يشبع بالخيرات عمرك (مز5، 2:103) .
+ (حبل وجعًا وولد إثمًا) "مز15:7". إنك لا تزال متعبًا قلقًا إن أحببت شيئًا أخر غير الذي لا يستطيع أحد أن ينزعه منك.
+ من طلب فرحة في ذاته يجد حزنًا فإن جعلت سرورك في أن تباشر تلك الوظيفة وتسكن في ذلك المكان وما يشبه ذلك فإن سرورك هذا يمكن لرئيسك أن ينزعه عنك وبالنتيجة لا تكون مسرورًا قط.
وإن جعلت سرورك في بعض الأشياء التي توافق هواك الآن أوفي أشياء أخري زمنية فإنها سريعة التغير وإن لم تتغير هي فأنت قابل للتغيير فما تسر به اليوم يمكن أن تكرهه غدًا.
كيف لا ونحن نري الشعب الإسرائيلي (الشرير) كره المن الذي كان يجد فيه كل ما يحتاج إليه ويشتهيه ولما نجا من عبودية فرعون ضجر من الحرية واشتاق إلي العبودية وأشتهي بصل مصر!!! فلن تستطيع أن تفوز بالسرور قط ما دمت تجعله في ما يمكن أن يشوبه التغيير..
فإن شئت أن يكون فرحك ثابتًا باقيًا التصق بالله السرمدي ذاك الذي لا يعتريه تغيير بل يستمر ثابتًا على حال واحد إلي الأبد.
+ إنك يا إلهي جعلت (النفس البشرية) قادرة على أن تسع جلالك غير الحدود لئلا يكون شيء أخر يقدر أن يملأها سواك.
إلهي إنك صنعتنا لأجلك ولذلك لا يزال قلبنا مضطربًا قلقًا. عديم الراحة على الدوام حتى يستريح فيك.