الصلاةُ هي رفعُ العقل والقلب معًا الى الله، هي تأمُّلٌ في الله، هي حديثٌ جريءٌ مُقدَّمٌ منَ المخلوق للخالق، وذلك حينما تقف النفْسُ خاشعةً أمامه كما تكون أمام ملكٍ عظيمٍ، في نسيانٍ كاملٍ لكل ما هو حولها،
مغتسلةً من خطاياها بحملِها نِيرَ يسوع الهيِّن وحِمله الخفيف.
الصلاة هي تقديس النفس، تذوُّقٌ لبركاتِ المستقبل، وتذوُّقٌ لسعادة الملائكة، هي المطرُ السماويّ الذي يُنعشُ ويروي ويخصبُ أرضَ النفس وينقِّي وينعشُ العقل، هي فرحُ الروح، الشريطُ الذهبيُّ الذي يربطُ المخلوقَ بالخالق، هي شجاعةٌ ومعونةٌ في كافة المِحن والتجارب، مصباحُ الحياة الذي يضيء الطريقَ نحو السماء، ضامن النجاح في كلِّ المهام، كرامةٌ مساويةٌ للملائكة، مشدِّدةُ الإيمان والأمل والحب.
الصلاة هي حياةُ عِشرةٍ ومشاركة مع الملائكة والقديسين الذين أرضوا الله منذ بدء العالم، هي إصلاحُ الحياة التي انحرفتْ، أُمُّ الخشوع والدموع، القوة الدافعة لعمل الرحمة، طمأنينةُ الحياة، مبدِّدةُ الخوف منَ الموت، إزدراءٌ بالكنوز الأرضيَّة، رغبةٌ مُلحَّةٌ لا تهدأ نحو البركات السماويَّة، إرتقابُ الدينونة بثقةٍ، وانتظارُ القيامة العامة بفرح، وتعطُّشٌ لحياة الدهر الآتي، هي جهدٌ وعزمٌ لخلاص نفوسنا منَ العذاب الأبدي، بحثٌ لا ينقطع عن طلبة الرحمة والإلحاح في طلبِ عفوِ الحاكم، شرف الوقوف في حضرة القدير، الكفُّ عن تطويب النفس وعن العطف على الذات وعن التماس الأعذار لها.
الصلاة هي توسيع القلب لحمل كافة الناس بالحب، حُلولية السماء بالنفس، ثبوتٌ متبادَل في الثالوث الكامل القداسة “إليه نأتي وعنده نصنع منزلاً” (يو 14: 23)
القديس يوحنا كرونشتادت