ولد في دكلوبا من كرسي ميصيل، من أبوين قديسين ولم يكن لهما ولد سواه، وكان أبوه ارسلاؤس قسا فابصر في رؤيا الليل شخصا مضيئا يقول له " لابد لولدك هذا إن يؤتمن علي جماعة كثيرة ويكون مختارا للرب طول أيام حياته"، وكان صموئيل طاهرا منذ صغره مثل صموئيل النبي، وكانت تساوره دائما فكرة الرهبنة، وفي بعض الأيام وجد وسيلة للذهاب إلى برية شيهيت
ولم يكن يعرف الطريق، فظهر له ملاك الرب في شبه راهب ورافقه كأنه يقصد الدير مثله إلى إن وصلا إلى جبل شيهيت، وهناك سلمه لرجل قديس يسمي أنبا اغاثو فقبله عنده كما أرشده الملاك، حيث أقام ثلاث سنين طائعا في كل ما يأمره به، وبعد ذلك تنيح الشيخ القديس اغاثو وتفرغ القديس صموئيل للصلوات والأصوام الكثيرة، حتى انه كان يصوم أسبوعًا أسبوعًا، فقدموه قسًا علي كنيسة القديس مقاريوس، وحدث إن أتى إلى البرية رسول يحمل طومس لاوون، فلما قراه علي الشيوخ غار الأنبا صموئيل غيرة الرب، ووثب وسط الجماعة وامسك المكتوب ومزقه قائلا " محروم هذا الطومس وكل من يعتقد به، وملعون كل من يغير الامانة المستقيمة التي لأبائنا القديسين "، فلما رأي الرسول ذلك اغتاظ وأمر بغضب إن يضرب بالدبابيس ثم يعلق من ذراعه ويلطم فصادفت إحدى اللطمات عينه فقلعتها، ثم طرد من الدير، فظهر له ملاك الرب وأمره إن يمضي ويسكن في القلمون kalamwn، فمضي إلى هناك وبني ديرا أقام فيه مدة يعلم الملتفين حوله ويثبتهم علي الامانة المستقيمة، واتصل خبره بالمقوقس حاكم مصر فأتي إليه وطلب منه إن يعترف بمجمع خلقيدونية، وإذ لم يذعن لرأيه ضربه وطرده من الدير، فمضي وسكن في إحدى الكنائس، وبعد حين عاد إلى الدير، واتفق مجيء البربر إلى هناك، فأخذوه معهم في رجوعهم إلى بلادهم، فصلي إلى السيد المسيح إن ينقذه منهم، فكان كلما اركبوه جملا لا يستطيع القيام به، فتركوه ومضوا، ثم عاد هو إلى ديره، وأتي البربر إلى هناك مرة ثانية وأخذوه معهم إلى بلادهم وكانوا قد سبوا قبل ذلك الأنبا يوأنس قمص شيهيت، فاجتمع الاثنان في السبي وكانا يتعزيان معا، وحاول آسره إن يغويه لعبادة الشمس، ولما لم يستطع إلى ذلك سبيلا، ربط رجله مع رجل جارية من جواريه، وكلفهما رعاية الإبل قصدا منه إن يقع معها في الخطية، وعندئذ يتسلط عليه فيذعن لقوله، كما أشار عليه إبليس، وفي هذا جميعه كان القديس يزداد شجاعة وقوة قلب، ولم يزل علي هذا الحال حتى مرض ابن سيده مرض الموت، فصلي عليه فشفاه، فشاع خبره في تلك البلاد، وكان يأتي إليه كل من به مرض، فيصلي عليه ويدهنه بزيت فيبرا، فاحبه سيده كثيرا واعتذر إليه واستغفره، وعرض عليه إن يطلب ما يريد، فطلب إن يأمر بعودته إلى ديره، فأعاده، ولدي وصوله اجتمع حوله كثيرون من أولاده الذين كانوا قد كثروا جدا حتى بلغوا الألوف، وظهرت له السيدة العذراء وقالت له إن هذا الموضع هو مسكني إلى الأبد، ولم يعد البربر يغيرون علي هذا الدير، وقد وضع هذا الآب مواعظ كثيرة ومقالات شتي وتنبأ عن دخول الإسلام مصر، ولما قربت أيام نياحته جمع أولاده وأوصاهم إن يثبتوا في مخافة الله والعمل بوصاياه ويجاهدوا في سبيل الإيمان المستقيم إلى النفس الأخير، وتنيح بسلام، في مثل هذا اليوم ( 8 كيهك ) صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.