[ ... نحن لا نحتاج أن نعطي هذه الأمور أهمية كبيرة أو نُمارس حياة النسك والتعب من أجلها ، بل أننا نحتاج أن نُرضي الله بحياتنا الصالحة . كما يجب أن لا نُصلي لكي نعرف المستقبل، أو نطلب هذه المعرفة كأجر لنسكنا، بل يجب أن تكون صلاتنا لكي يكون الرب معيناً لنا على النصرة على إبليس . وإن حدث أننا رغبنا مرة في معرفة المستقبل
فليكن ذهننا طاهراً ، لأنني أعتقد أنه إن كانت النفس نقية تماماً وفي حالتها الطبيعية لاستطاعت – بوضوح الرؤيا أمامها – أن ترى أكثر وأبعد من الشياطين لأن الرب معها وهو الذي يكشف لها ، وذلك مثل نفس إليشع النبي التي رأت ما فعله جيحزي ، وأبصرت جيوش الملائكة واقفة بجوارها ( 2مل 5: 26 و 6 : 17 ) .
لذلك إن جاءت لكم الشياطين ليلاً وأرادت أن تُخبركم عن المستقبل ، أو قالت : نحن ملائكة ، فلا تصغوا إليها لأنها كاذبة . وحتى أن امتدحت نسككم وطوّبتكم فلا تصغوا إليها ، ولا تكن لكم معاملات معها ، بل بالحري ارشموا ذواتكم ومساكنكم وصلُّوا تجدوها قد انقشعت ، لأنها في غاية الجبن وتخشى جداً علامة صليب الرب طالما أن الرب قد جردها حقاً وأشهرها جهاراً في الصليب ( كو 2: 15 ) . أما إذا ثبتت بلا خجل طافرةً بحماقة ومغيَّرةً هيئتها وشكلها فلا تخشوها ولا تنزعجوا ولا تستمعوا إليها كأنها أرواح صالحة ، لأنه بمعونة الله يسهل تمييز وجود الخير من الشرّ . ]
عن كتاب فردوس الآباء ( بستان الرهبان الموسع ) الجزء الأول
إعداد رهبان برية شيهيت – الطبعة الثالثة 2008 – ص 120 و ص 121 ؛ فقرة 15