كلنا بنحب "القديس العظيم" "سريع الندهة" "أمير الشهداء" "البطل الرومانى" مارجرجس ونقدسه مسيحيين ومسلمين. يؤمن المسلمون بمعجزات مارجرجس ويطلق عليه فى الشام اسمه "الخضر" لوجود كنيسة باسمه فى بلدة "صهوة الخضر" وهى بلدة غير مسيحية وتحدث فيها معجزات الشفاء باسم إله مارجرجس.
مين يعرف أين توجد أول كنيسة بنيت فى مصر على اسمه؟ طيب مين يعرف قصة بنائها المعجزية العجيبة؟
الكنيسة الأثرية العظيمة دى موجودة فى "حصة برما" بمحافظة الغربية وتقع على بعد 13 كم من مدينة طنطا. تم بناؤها أول مرة عام 316م ودشنها البابا ألكسندروس وهو البابا التاسع عشر. والكنيسة الحالية هى الرابعة وقام بتدشينها البابا مثلث الرحمات كيرلس السادس عام 1960 فى احتفالات دامت عدة أيام. وهذه قصة بنائها المعجزية:
لما وصل الملك قسطنطين المؤمن إلى الحكم بعد أن أباد الله الملك دقلديانوس بعد انقضاء زمن الاضطهاد والاستشهاد، أمر الملك قسطنطين بهدم معابد الأصنام وفتح الكنائس فى جميع الأماكن. وظهرت أجساد القديسين والشهداء ظهورا تاما فى كل الأرض وشاع خبر القديس العظيم والشهيد الجليل مارجرجس والعجائب والقوات التى أظهرها الله على اسمه ووصل خبر تلك المعجزات والعجائب إلى ديار مصر. وكان فى ذلك الزمان قوم من الأجناد المؤمنين بالسيد المسيح مقيمين على اقطاعياتهم بالديار المصرية. ومنهم شاب طاهر عفيف متواضع وديع رحوم حكيم محب للإله.
وسمع بعجائب الشهيد الجليل مارجرجس وسيرته فكتبها عنده وكان ملازما الصلاة بأوقاتها. وكان عنده جماعة من المزارعين لفلاحة أرضه ويقيمون بزمام الإقطاعية. وكان فى وسط تلك الأرض بئر ماء لشربهم ودوابهم وكان هذا الشاب ينفق من إيراد الأرض على حاجته ويتصدق بالباقى على الضعفاء والمساكين والمترددين عليه.
وحدث فى ليلة 24 بشنس وهو اليوم الذى أتى فيه السيد المسيح إلى أرض مصر ومعه أمه السيدة مريم العذراء ويوسف النجار أنه وقف يصلى فرأى جماعة كثيرة وقد نزلت بجانب البئر ومحاطة بنور عظيم وهى تسبح الله بأصوات وألحان شجية فتعجب من هذا المنظر وظنهم قوما وفدوا عليه ضيوفا فاستدعى خدمه وعبيده وأمرهم أن يعدوا لهم مأكلا ومشربا حتى إذا طلع النهار يقدمونه لهم ثم رجع إلى مكانه ينظر إلى هؤلاء القوم ويتعجب من منظرهم البهى. وفيما هو على هذه الحال خاطبه واحد منهم فى زى جندى قائلا:
السلام لك يا رجل الله أتعرف من أنا؟ فأجابه لا يا سيدى.فقال له أنا جرجس الفلسطينى الذى استشهد على يد دقلديانوس الملك المنافق الكافر فى صور المدينة وأتيت إلى هذه الأرض واشتقت أن يكون لى فيها مسكنا آتى إليه وأحل فيه. وهؤلاء الذين تبصرهم جميعهم قديسين وشهداء أتوا معى إلى هذه الأرض يشاطرونى الفرح. فلا تهتم لنا ولا تتعب عبيدك وخدمك بعمل ما أمرتهم به ونحن بمشيئة الله سنحضر إلى هذه الأرض فى اليوم الثالث من شهر بؤونة (10 يونيو). وقد سألت السيد المسيح أن يتعطف ويأتى إلينا وستنظره بعينيك وتسمع بأذنيك ما سيقوله فى تلك الليلة.
ثم انصرف عنه القديس مارجرجس ومن معه من القديسين والشهداء وقضى الرجل ليلته فى الصلاة والتسبيح. وواظب على ذلك إلى اليوم الذى وعده القديس مارجرجس بمجيئه إليه سائلا الله أن يكشف له هذا السر. ولما جاءت الليلة المنتظرة رأى جماعة عظيمة من الملائكة والقديسين والشهداء وقد نزلوا فى ذلك المكان وهم يسبحون الله ويقدسوه ويمجدوه وإذا بالسيد المسيح قد ظهر راكبا سحابة نورانية ورؤساء الملائكة ميخائيل وغبريال عن يمينه يسبحان لعظمته فسجدوا جميعا أمامه. وتقدم الشهيد مارجرجس إليه وسجد له قائلا: يا ربى يسوع المسيح إنى قد أتيت إلى هذه الأرض وأريد أن يكون لى مسكنا ويذكرون اسمى فيها إلى الأبد. فقال له يسوع المسيح له المجد: يا صفى جرجس إن هذه الأرض ستعمر وتكون بلد كبيرة وتبنى لك كنيسة بجانب هذه البئر وسلامى وبركتى يكونان فيها إلى الأبد ويكون مثل هذا اليوم عيدا عظيما ويجتمع فيه شعوب كثيرة من جميع الأماكن ويصلون ويتشفعون بأسمك بأمانة فإنى أحفظهم من الشرير
ثم صعد إلى العلاء بمجد عظيم وانصرف جميع الملائكة والشهداء والقديسين وأنار الله عينى هذا الرجل الصالح فرأى وسمع ما قاله الرب يسوع المسيح للشهيد مارجرجس ففرح بذلك فرحا عظيما. وفيما هو فى دهشة مما رأى وسمع إذا بالشهيد مارجرجس قد ظهر له وخاطبه قائلا: السلام لك يا رجل الله وعندما تقوم فى الصباح اهتم ببنيان الكنيسة وسأكون معك ومساعدا لك. وحدد له أبعاد الكنيسة وأراه المكان الذى يحفر فيه الأساس إلى جانب بئر الماء. وقضى رجل الله ليلته فرحا مسرورا بما سمعه وعاينه. ولما كان الصباح استدعى عبيده وغلمانه فأحضروا له الفعلة وحفروا الأساس كما حدده القديس العظيم مارجرجس. وفيما هذا الرجل الصالح يفكر فى نفسه إن كان يستطيع إتمام هذا العمل العظيم وإذا بالقديس جرجس قد ظهر له وخاطبه: فيما تفكر؟ قم واتبعنى وجاء به إلى أرض قريبة منه وقال له: احفر فى هذا المكان مقدار ذراع واحد فإنك تجد ما يكفى لعمارة الكنيسة وحدد له المكان بأصبعه. فلما كان الصباح قام ومضى إلى ذلك المكان فوجد العلامة التى رسمها القديس جرجس بإصبعه صحيحة. فحفر فيه كما قال له فوجد فيه إناء مختوما ففتحه فوجده ملآنا ذهبا وفضة. فسبح الله وجد قديسيه واجتهد فى العمارة وكمل الكنيسة فى مدة سنة واحدة وعمل لها ما تحتاج إليه ثم أحضر الأب البطريرك البابا ألكسندروس التاسع عشر فكرزها فى اليوم الثالث من شهر بؤونة (10 يونيو) وكان فرح عظيم فى هذا اليوم لجميع المؤمنين الحاضرين.
ولا نكون مبالغين إن قلنا أن ما يتمتع به القديس العظيم مارجرجس من احترام وتبجيل شامل وشعبية عالمية يفوق أى قديس سواه. فإننا بالكاد لا نجد منطقة أو بلدة لا يوجد فيها كنيسة أو مذبح للقديس العظيم، لا فى بلادنا الشرقية فحسب بل فى معظم بلدان العالم لا فى طائفة معينة بل حتى عند المسلمين. فى مصر له ما يقرب من 200 كنيسة باسمه وكثيرون يتشفعون به. حتى فى انجلترا بالرغم من مذهبها البروتستانتى الذى لا يعترف بالقديسين وشفاعتهم يتخذ الانجليز مارجرجس شفيعا لهم وينقش اسمه على العملة النقدية (الجنيه الذهب) وعيد استشهاده عطلة رسمية فى الدولة وقد أعلنه الملك شفيعا لجيوشه.
بركة هذا القديس البطل تكون معنا. آمين.