الخطبة ليست سرًا من أسرار الكنيسة، وليست عقدًا بين الخطيبين، وإنما هي أتفاق، ووعد بالزواج.وفترة الخطوبة هي فترة تعارف، وفترة ود وصداقة، وفترة أعداد للزواج.والإعداد للزواج يفهمه البعض على أنه الإعداد المادي، ومن حيث تجهيز الأثاثات والملابس وبيت الزوجية. ويدخل هذا الإعداد عند البعض في اتفاقات مالية، وانشغالات تلهيهم عن العنصر الروحي.أما
الإعداد الروحي الخاص بفترة الخطبة، فهو أعداد الخطيبين لكي يصيرا واحدًا، فكرًا واحدًا وقلبًا واحدًا، واتجاهًا واحدًا، حتى يمكنهما أن يصيرا بالزواج جسدًا واحدًا، يضمهما بيت واحد.
ولا يمكن أن يتم هذا، إلا إّذا كانت فترة الخطوبة فترة تعارف، يتعرف فيها كل من الخطيبين على الآخر، ويفهمه ويتفاهم معه، ويتأكد من توافق طبعيهما، وإمكانية الحياة المشتركة. وأن لم يوجد التوافق، يعملان على التوافق، .
هي فترة يحاول فيها الخطيبان أن يصلا إلى درجة من الصداقة والحب، يؤسس عليها الزواج. لأن الزواج الذي لا يبنى على التوافق والصداقة والحب، هو زواج فاشل.
وهذا التوافق بين الاثنين ينبغي أن يشمل الطابع، والثقافة، والسن، والمثاليات، كما يشمل الحياة الروحية بكل فروعها..
فترة الخطوبة تساعد على اختيار هذا التوافق، ولكن يحسن التأكد منه بقدر الإمكان قبل الخطوبة.
إنها مغامرة خطيرة أن يظن بعض الآباء أن هذا التوافق يأتي عن طريق الزواج والحياة المشتركة. فربما لا يأتي، ويزداد الاثنان خلافًا، فماذا تكون النتيجة؟!
يجب على كل من الخطيبين أن يكون مفتوح العينين، لماحًا، مدركًا أهمية معرفته لمن سيشاركه الحياة كلها.
فترة الخطبة ليست فترة تمثيل، يحاول فيها كل من الخطيبين أن يبدو أمام الآخر في صورة مثالية ليست له، سرعان ما تنكشف بعد الزواج، وتبدو الخدعة، فيتصدع الزواج..
إن الخطيب الذكي، والخطيبة الذكية، يستطيع كل منهما أن يدرك في حكمة وفي وعى طباع زميله، إذ يستنتجها دون أن يشعره بذلك.
ومن الأخطاء التي تحجب البصيرة عن الرؤية الحقيقية في فترة الخطوبة. انشغال الخطيبين بنزوات عاطفية تشغل الحواس والعقل، فلا يلتفت إلى حقيقة خطيبه.
الخطيب الحكيم يحاول في هذه الفترة أن يتعرف على زميل الحياة المقبلة. يدرسه في عمق، ويرى هل يمكنه أن يعيش معه طول العمر في مودة.. يحاول أن يصادقه مصادقة حقيقية بريئة دون أن يفكر في أن يملكه في هذه الفترة.
فإذا أمكن بتعارف الخطيبين وودهما أن يصيرا واحدًا في الفكر وفي المشاعر وفي الطباع وفي الاتجاه، حينئذ يمكن أن يصيرا جسدًا واحدًا بالزواج.
وإن لم يتمكنا من هذه الوحدة القلبية، فالأفضل أن يتأجل الزواج ريثما تتم الوحدة، إن أمكن تتم.