جزء من عظتان للقديس يوحنا ذهبي الفم والحديث لأتروبيوس، كما تم ترجمتها وتبويبهما ونشرهما تحت عنوان "الكنيسة تحبك". في العظتين يقارن بين
أباطيل العالم والحق الذي في الكنيسة، بين خداعات أهل العالم وحب الكنيسة للإنسان
هل أباطيل العالم تحبك؟ أباطيل زائلة
” باطل الأباطيل الكل باطل” جا 1 : 2 يليق بنا دوماً أن ننطق بهذه العبارة، وبالأخص فيما يخص الحياة الزمنية
أين هي الأمور الباهرة التي كانت تحيط بك كالوالي؟! أين ذهبت المشاغل المتألقة؟! أين هي الرقصات وأصوات أقدام الراقصين والموائد والولائم؟! أين أكاليل الزهور وستائر المسارح؟! أين كلمات المديح التي كانت تقدم لك في المدينة، والهتافات التي تًسمع في ملاعب الخيل وتملق الممثلين لك ؟
هذا كله قد ذهب… الكل قد ذهب. لقد هبت الرياح على الشجرة فسقط ورقها، وصارت عارية تماماً. واهتزت من جذرها ذاته. إذ هكذا كانت قوة العواصف، حتى
صدم كل صغير وكبير فيها، وهدد باقتلاعها من جذرها
أين ذهب الآن اصدقاؤك المراءون؟! أين موائد الشرب وولائم العشاء التي كُنت تَقيمها؟! أين حشود المتطفلين والخمور التي تقدمها طوال اليوم، والأطعمة المتنوعة؟! أين ذهب أولئك الذين يخضعون لسطوتك الذين ما كانوا يصنعون شيئاً او ينطقون إلاًّ لينالوا رضاك؟
لقد صار جميعهم أشبه بخيالات الليل، وأحلام تبددت ببزوغ النهار. لقد كانوا أزهاراً ربيعية زيلت بانتهاء الربيع. كانوا ظلاً وقد عبر. كانوا دخاناً وتبدد. كانوا فقاعات وانفجرت. كانوا نسيج عنكبوت وتهرأ إرباً فلنًغن دوماً بتلك الأغنية الروحية ” باطل الأباطيل الكل باطل “. ولنكتبها على حوائطها وثيابنا، في السوق والبيت والشوارع، على الأبواب والمداخل، وفوق هذا أباطيل غاشة
هذه الأشياء بقدر ما هي خادعة وغاشة الاًّ أنها تبدو لكثيرين أنها حقائق. لذلك يلزم لكل إنسان يومياً، في العشاء والإفطار، وفي كل مجتمع أن يقول لصاحبه ويستمع من قريبه هذا القول المتكرر ” باطل الأباطيل الكل باطل “
أما كنت أخبرك دوماً أن الثروة ليست إلاًّ عابر طريق؟ لكنك لم تكن تريد الاستماع إليّ. أما كنت أقول لك أن الثروة هي خادم ناكر للجميل؟ لكنك لم تريد أن تصغي إليّ. تأمل كيف تؤكد الخبرة اليومية أن الثروة ليست إلاًّ عابر طريق وخادم ناكر للمعروف، بل ومجرم. إذ تجعلك في حالة خوف ورعب