الصّلاة، – عبادة الله – تحوّل الكآبة وتجعل منها فرح
يحصلُ اليومَ مرّاتٍ كثيرةً بأنَّ الإنسان يشعُرُ بشدّةٍ، بيأسٍ، بضعفٍ، بكسلٍ، بضجرٍ وبكلّ التّجارب الشيطانيّة. أن يكون الإنسان في ضيقٍ، في بكاءٍ، في إكتئابٍ، أن لا يعطي أهميّةً لعائلتِهِ، أن يبذِّرَ كومة من الأموال ثمنَ أدوية لمحلّلين نفسانيّين.
يصف الناس هذه الحالات «بعدم الإستقرار والأمان». ديانتنا تؤمن بأنَّ هذه الحالات هي تجارُب شيطانيّة.
الألم قوّةٌ نفسيّةٌ وضعها الله في داخلنا، بهدف فعل الخير، المحبَّة، الفرح، والصّلاة. عكس ذلك، يصل الشيطان إلى هدفه فيتناول هذه القوّة النفسيّة من بطّارية نفسنا ويستخدمها للشرّ، مسبّباً لها كآبةً، حاملاً النفسَ إلى الكسل والضجر. يعذّب الإنسان، يعتقلُهُ ويمرضُهُ نفسيّاً.
يوجد سرٌ واحدٌ. أن تحوّلوا الطاقة الشيطانيّة إلى طاقة خيّرة. إنَّه صعب وبحاجةٍ إلى إستعدادٍ ما. الإستعداد هو التّواضع.
وبالتّواضع تنتزعون النعمة الإلهيّة. أعطوا أنفسكم إلى محبَّة الله، إلى عبادته، إلى الصّلاة. ولكن إن فعلتم هذا كلَّه، دون أن تمتلكوا التّواضع، فما حقَّقتم شيئاً. كلّ الأحاسيس الشرّيرة، عدم الإستقرار، اليأس، الإحباط، التي تذهب للسَّيطرة على النفس، تختفي بالتّواضع.
المتكبّر، الأناني يرفض أن تقطع له إرادتَهُ، أن تفضَحَهُ وأن توجِّه إليه الإرشادات. ينزعجُ، يعصِّبُ، يثورُ، ينفعلُ وتتسلَّط عليه الكآبة.
هذه الحالة تُشفى بالنعمة. على النفس أن تغيّر إتّجاهها صوبَ محبَّة الله. الشفاءُ سوف يصير بأن تحبَّ النفسُ الله بشغف. كثيرون من قدّيسينا حوّلوا الكآبة إلى فرحٍ بالمحبَّة تجاه المسيح. أي كانوا يتناولون هذه القوّة النفسيّة، يسلِّمونَها إلى الله، ويبدِّلونَها فرحاً وتهليلاً، في حين كان الشيطان يريدُ تدميرَها.
الصّلاة، عبادة الله تحوّل وتقْلُبُ الكآبةَ شيئاً فشيئأً إلى فرحٍ، لأنَّ نعمةَ الله تعملُ فعلَها. هنا بحاجةٍ، أن تكون لك القوّة، لِتنتزِعَ نعمةَ الله التي ستساعدك على أن تتَّحدَ به، ويُحتاج كذلك إلى فنّ.
عندما تسلّم نفسك إلى الله وتصبحُ واحداً معه، ستنسى الروح الشرّيرة التي كانت تشدُّكَ من الخلف، وبتجاهُلِكَ لها سترحل هذه الروح. ومن بعد، بقدرِ ما تتفرَّغ لروحِ الله، بقدرِ ما تتوقَّف عن النظرِ إلى الخلف، لترى الروح التي كانت تشدُّك.
عندما تجذبُكَ النعمة، تتّحدُ مع الله. وعندما تتَّحد مع الله وتسلّم نفسك إليه، ترحل كلّ الأشياء الأخرى، تنساها وتخلُص. الفنّ الكبير، إذن، السرّ الكبير، لتتحرّر من الكآبة وكلّ الأشياء السلبية هو أن تسلّم نفسك لمحبَّة الله.
شيءٌ واحدٌ يقدرُ أن يساعدَ المكتئب هو العمل، الإهتمام للحياة. الحديقة، النّباتات، الأزهار، الأشجار، المصْيَف، السير والمشي في الهواء الطلق، هذه الأشياء كلّها ترفعُ الإنسان من الكسل وتخلقُ له إهتماماتٍ أخرى. تفعلُ وتؤثّرُ كالأدوية. الإنشغال بالفنّ، بالموسيقى إلخ.....تعملُ عملاً جيّداً.
أمّا إلى جانب ذلك، فأُعطي المعنى الأكبر للإهتمام بالكنيسة، لمطالعة الكتاب المقدَّس، وللخِدَم الكنسيّة. مطالعاً ومتلقِّناً أقوالَ الله، يُشفى أحدٌ دون فهمِهِ السّبب.
لأقُصَّ عليكم قصَّةَ فتاةٍ، أتت إليّ أنا الحقير( في الربّ ). كانت تعاني من كآبة مخيفة. لم يُشفِها أيُّ دواءٍ، تركَتْ كلّ شيء. تركَتْ عملَها، بيتَها، وإنشغالاتِها.
أمّا أنا فقلت لها ما أعرِفُهُ. قلت لها عن محبَّة المسيح، التي تعتقلُ النَّفسَ، لأنَّ نعمةَ الله تملأُ النَّفسَ وتبدّلها. أفهَمتُها أنَّ هذه القوّة هي شيطانيّةٌ تأخذ النَّفس وتحوّلُ قوَّتَها إلى كآبةٍ، ترميها إلى أسفل، تعذِّبُها وتصيّرها غير مفيدة. نصحتها بأن تنشغلَ بإنشغالاتٍ عدّة، بالموسيقى مثلاً، التي كانت تعْجبُها أولاً إلخ.....
لكنَّني ركَّزتُ أكثر على أن تُدير إتِّجاهها ومحبَّتَها نحو المسيح. قلت لها أيضاً أنَّ داخلَ كنيستِنا يوجدُ علاجٌ وشفاءٌ بالمحبَّة نحو الله وبالصّلاة، التي ستُقامُ وتُتلى بشغفٍ وشوق.
هذا هو سرّ الشِّفاء وكنيستنا تقبلُ هذ