الأســرة في الـمفهوم الـمسيحي هي كنيسة صغيـرة إذ يقول الرسول بولس "إلى فليـمون الـمحبوب..والى الكنيسة التي في بيتك" (فليمون 2:1).
الأســرة الـمـسيحية لـهـا صفات أسـاسية مـحددة،وسنركز فقط على أربع صفات منها: مقدّسة – تكون متحابـة – يعمل أفرادها على احترام بعضهم البعض – و تعمل على تنمية الحياة الروحية لكل فرد فيها.
1- يـجب أن تــكون مقدســة
هذه القداسة بنعمة الرب وجهاد الإنسان معاً هي مطلب الرب "كونوا قديسين كـما أن أباكم هو قدوس"،وهي ميدان هام للشهادة للرب إذا يرى الناس أن هذه الأسرة الـمباركة مقدسة "فيمجدوا أبانا الذي في السموات” (مت 16:5).
في رسالة القديس بولس الرسول شبّه الزوجة بالكنيسة والرجل هو الـمسيح في البيت، وطالب الرجل والـمرأة بمسؤوليات محددة كـما صنع الرب يسوع إلى كنيسته (أف 36:5-37)، فالرجل يعمل على تقديس كنيسته،أي إمرأته وبيته باذلا كل نفيس من أجلها، وتعمل الـمرأة على تقديس كنيستها،زوجها وبيتها باذلة نفسها بإيمان.
2- يجب أن تكون مـــتـــحــابـــــة
صفات الـمحبة الكنسية نجدهـا في رسالة القديس بولس الرسول إلى كورنثوس الأولى،والتي فيها: الـمحبة تـحتـمل كل شيء،تصدق كل شيء،تــرجــو كل شيء،وتصـــبر على كل شيء. ولدينـا أصدق تطبيق عن هذه الـمحبة في العائلة الـمقدسة: يسوع ومريم ويوسف.هذه العائلة الـمقدسة قد احتملت وصبرت على كل شيء على الألـم والاغتراب والفقر ولم تتذمر أبدا.
الأســرة الـمتـحــابـة لها رجــاء واحد،هو تتميم إرادة الرب في الزواج من تنشئة جيل مقدس ولا يوجد أي غرض أخر خاص لكل فرد فيها سوى محبـة بعضهـم البعض.
يقول أحد الآباء إن دخول الكراهية قلب إنسان معناه خروج الله من هذا القلب لأن الله محبة. والرسول بولس يحث الرجال "أن يحبوا نساءهم كأجسادهم،من أحب امرأته أحب نفسه فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يغذيه ويربيه كما يعامل الرب الكنيسة”(أف 28:5)،ويطالب الرسول بولس النساء قائلاً: "أيها النساء اخضعن لرجالكن كـما ينبغي في الرب"(كولوسي18:3) ، ويطلب من الأبناء "أيها البنون أطيعوا والديكم في كل شيء فإن هذا هو الـمرضي في الرب"(كولوسي20:3).
3- يعمل أفرادها على احترام بعضهم البعض
في حادثة فقد الطفل يسوع في الهيكل نجد مريم تقول لابنها عندما وجدته " هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك" (لو 49:2)،مقدمة ذكر الأب،انه احترام لـمكانة الأب في الأسرة فالأبوة عطية سماوية (أف 14:3). وأما عن يسوع فيقول الكتاب انه "كان خاضعاُ لهما"،انه احترام لـمكانة الأب والأم في الأسرة. احترام متبادل مبني على أساس المحبة والثـقة في فعل الروح القدس داخل سر الزواج.
4. عمل على تنمية الحياة الروحية لكل فرد فيها
كل فرد يعمل على تنمية حياته الروحية الشخصية والعمل مع الآخرين على مساعدتهم في الجهاد الروحي.التوبـة والاعتراف والاستفادة من وسائط النعمة الـمتنوعة التي تقدمها الكنيسة كالإفخارستيا والصلاة وقراءة الكتاب الـمقدس وحضور الاجتماعات الروحية وقراءة الكتب الروحية والصوم،ويعبر عن كل هذا بأعمال مقدسة حيث أن الأعمال هي ثـمرة الإيمان الـمقدس.
فيكون شعار الزوج الـمسيحي والزوجة الـمسيحية “أما أنا وأهل بيتي فنعبد الرب” (يشوع 24)،وهدف الأسرة النهائي أن يقفوا جميعا في السماء مرنمين إلى أبد الآبدين "هآنذا والأولاد الذي أعطانيهم الله" (عب 13:2)
الزوج مسئول أمام الله مسئول كمسيح داخل الأسرة وقيادة بيته روحيا. أمـا عـن الزوجـة فهي مسئولة عن البيت وجعله كنيسة وتعمل على تربية الأبناء في المسيح.
والأولاد،يلزم أن يطيعوا والديهم في الرب وان يكرموا الأباء والأمهات “فإن من أكرم أباه فإنه يكفر خطاياه ويمتنع عنها ويستجاب له في صلاة كل يوم ومن احترم أمه فهو كـمدخر الكنوز" (يشوع بن سيراخ 1:3-5).
الآن بعد أن عرفنا ما هي العائلة الـمقدسة،وما هي صفات الأسرة الـمسيحية هـل لنا أن نعيد الـمفهوم الصحيح للأسرة المسيحية الـمقدسة الـمتحابـة,,التي تحترم أفرادها،وتعمل على التربية الروحية الأمينة لكل أفرادها،وليس فقط التربية الجسدية أو الذهنية أو الاجتماعية.
فتزداد بهجة الرب بتلك الأسرة الـمباركة التي تـممت إرادة السماء،فيدعوها الرب لتكون كنيسة مكللـة بالـمجد الذي لا يذوي إلى دهر الدهور.