عندما كان يوحنا المعمـدان في السـجن، أرسـل تلاميذه إلى يسوع ليسألوه، هل أنت الآتي أم ننتظـر آخر؟ أجابهم يسوع بأعماله: العمي يبصـرون، والعرج يمشـون، والموتـى يقومون، وطوبى لمن لا يشك فيَّ.
بعد عودة التلاميـذ إلى يوحنـا ليخبـروه، قال يسـوع للجمـع الواقـف: مـاذا خرجتـم إلى البرية تنظـرون؟ أقصبـة تحركهـا الريح؟ هنا يؤكد أن يوحنا لم يكن يثنيه، أي مديح أو انتقـاد. كـلا! لـم يكـن يوحنـا قصبـة تحركهـا الريـح ولـم يكـن يعـتـز بالحظـوة... ولا كـان يثـور، إزاء أي غـضـب... إذ لـم تسـتطـع النجاحـات أن تغـريـه ولا الإخفـاقـات أن تحبـطـه. تقـلـبــات الحيـاة لـم تثـنِ البتـة اسـتقامتـه.
في هذا الصـدد يقول القديس غريغوريوس الكبيـر: فلنتعلم إذا، أيهـا الأخـوة الأعـزاء للغاية، أن لا نكـون قصبـة تحركهـا الريـح، ولنوطد فكرنـا؛ وذهننـا، فليلبث راسـخاً. لا يثيرنّ أي انتقـاد غضبنـا، ولا تخضعننا أية حظـوة لدناءة امتنـان غيـر نافـع. لا تشـمـخـن بنـا النجـاحـات، ولا تجعلنـنـا الاخفـاقـات نضـطـرب، حتـى إذا مـا كـنـا ثابتـيـن فـي الايمـان، لا نتـأثـر مطلقـاً بتقلـّب الأمـور العابـرة.