حينَ تجتازُنا الهمومُ ونسعى لوضعِها أمامَ الصليب، ونأتي مُلقينَ بأحمالِنا في الصلاة، نجلسُ وتجلسُ ذاتُنا المثقلةُ بجراحِ الهمومِ والحياةِ...ونَحارُ فيما سنقولهُ الليلةُ أمامَ عرشِ الملك..ونبدأُ من هُنا وهُناك و تحاول أفكارُنا العاصفةُ ارتداءَ كلماتٍ، ويصطلي الوجعُ على نارِ الأفكارِ عَلّنَا نجدُ تلك الحروفُ التي تعبِّر عمَّا نُعانيه
ماذا سنقولُ ليسوعَ اليوم؟؟ كيف سأتكلّمْ؟ وعن أيّ شيءٍ سأتَحدّث؟ من أين أبدأ؟؟ ..
نطرحُ هذه الأسئلةُ في داخلِنا...ولكنّ يسوع يقفُ إلى جانبِنا هادِئاً يُنصتُ ويستمعُ لحديثِنا مع أنفُسِنا كطفلٍ مؤدّبٍ يبتسِم، يفرحُ فينا لهذا اقتربَ وسمعَ حديثَنا القلبيّ ذاك، فرحَه برجوعِنا وحديثِنا إليه...بكلماتِنا الطفلةِ اليائسةِ، يقبلُنا كما نحنُ وبما نحملُهُ من تعب.
عندها نكونُ قد صلّيْنا قبل أنْ ننطلقَ إلى حُجرتِنا، كنيستِنا، قلبِنا، صلّينا قبلَ أنْ نضيءَ الشمعةَ ونحرِقَ البخورَ ونُذيبَ عيونَنا من الدموعِ أمامَ أيقونةِ الملكِ وسلطانةِ السماءِ
قد سمِعَنا قبلَ أنْ نتفوّهَ بحرفٍ وعلِمَ ما نحتاجُ إليهِ حتى قبلَ أن نفكرَ وقبلَ أنْ نُدْليَ بصلاتِنا أمام عرشهِ ..
يتنازلُ إلينا ليسمعَنَا...ليس لأنّهُ لم يعلَم، ولا لأنّ يسوع غافلٌ عن همومِنا وأوجاعِنا وآلامِنا، بل ليكونَ صدْراً نُلقي ذاتَنا في ربوعهِ...فهوَ يعرِفُ ضعفَنا...يغمرُنا بحضورهِ السلاميِّ الهادئ دون أن يعاتبَنا، يبتسمُ لإنسانِنا الذي تبلّلُهُ الدموع وينظرُ إلينا ببسمةٍ من الوداعةِ والهدوءِ والمحبةِ العظيمةِ ويتركُ لنا كل الكلام، ليس هذا فقط بل يعطينا ما نقولُهُ، ويشقُّ الطريقَ أمامَ أفكارِنا لترتدي كلمات وأمامَ همومِنا لتُحييها الحروف، ثم يكلّلُنا باحتياجِنا قبل أن نسألَهُ فقد كانَ ينتظرُنا لنأتِ..رغمَ أنه يعرفُ ما نحتاجُ إليهِ قبل أن نطلبَهُ منهُ...
.........
خاص بدير القديس جاورجيوس الحميراء..