إذا ازداد ضعف روح التقوى فيك، فهذا ليس مفاجئاً لأنّك موجود في دائرة اجتماعية حيث ترى وتسمع في آن واحد كلّ ما هو على تضاد مع هذه الروح، وقلبك يشارك في هذه الأمور سواء عن إرادة أو من غير إرادة. لهذا أنا آسف من أجلك. ولكن يا أخي الصغير عليك ألاّ تهمل نفسَك بشكل كامل.
عليك أن تنير روح التقوى بقراءات روحية أو بصلوات أو بتذكّر الأبدية وتطبيق ما تبقّى من وصايا المسيح. عليك أن تغذي ذاتك وتنمو إلى إنسان كامل، على مقياس قامة ملء المسيح (أفسس 13:4). تذكّر العشار في الإنجيل الذي كان صاحب سلوك معيب وفاسد، لكنّه لم ينقطع عن الذهاب إلى الهيكل مع أن حياته عكس ما يرضي الله بالكامل. وحدث مرة أنّه أرضى الله ببعض كلمات التوبة فترك الهيكل مبرراً على عكس ذاك الفريسي الذي كان يحفظ الناموس بحماسة.
- أيها العزيز، لا تخمد الروح بالكلية ولا توهِن ذاتك باللامبالاة وشهوة الجسد وتشتيت الذهن في تخيلات استحواذية، لئلا بعد ذلك تعاني كثيراً كالعبد الكسلان الذي في الإنجيل، الذي خبّأ موهبة النعمة التي حصل عليها في المعمودية والتي لا ينبغي أن تبقى مطمورة وبلا ثمار في نفس المسيحي.نحن مرتبطون بالأرض بولادتنا الجسديّة، وبطبيعتنا الأرضيّة، ولكنّ تلك الطّبيعة المدعوّة لقبول المسيح تكتسب منه بُعدًا يتخطّى كلّ ما يبدو لنا في هذه الدّنيا اعتبارات وجوديّة. هذا ما يخفّف من اضطرام الأفكار، وتأثّر الآراء بالأهواء، والانفعالات الغضبيّة عند مَن يتوق إلى القداسة.
أخيرًا، يفيدنا أن نتذكّر أنّه “لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ”، فمثلاً “لِلْوِلاَدَةِ وَقْتٌ وَلِلْمَوْتِ وَقْتٌ” (الجامعة 3: 1-2).
ولعلّه يبقى الأصعب أن نَقرِنَ الأقوال بالأفعال كلّما لزم الأمر، ولكنّ ما يَعسُر على الإنسان متيسّرٌ لدى الله، الذي هو نبعُ إلهامنا، لأنّه غالبًا ما تظهَر إرادة الإنسان وحدها عاجزة.
فليبارككم الله، آمين.