1- اتخاذ تصرفات أو أخطاء أبنائنا وسيلة لإضحاك الآخرين!
الموقف: جلسة عائلية من ضمن أفرادها بنت في سن السادسة أو السابعة. ثم نجد الأم بغرض إضحاك الأهل، تحكي بنوع من الهزار أو التريقة موقف أو قصة عن ابنتها (وقد تدعوها "المفعوصة" أثناء الحديث!) وقد تكون هذه القصة أو الموقف مُخجِل لهذه البنت، أو أنها لم تستطع أن تتحكم في طبيعتها في أحد المرات!،
وتضحك الخالات وتضحك العمات، وتضحك الأم، ... بينما تشعر هذه الابنة بمرارة فظيعة: كيف تجعلني أمي -وهي أقرب الناس لي- مجالًا للسخرية؟! وتكون الأم غير مدركة أن هذا الكلام يؤذي ابنتها لأنها تظنها طفلة بينما البنت تعي كل ما يُقال!
الضرر: هذا الموقف سيجعل هذه الابنة مُستاءة بشدة طول حياتها من أمها. تتساءل: "كيف ولماذا قلتِ عني يا أمي هذه القصة أمام الآخرين؟!".
مثل هذا التصرف من الأم ليس فيه احترام للابنة أو البنت الصغيرة، لأن هذه الأم لا تستطيع أن تقول هذا الكلام على أختها أو على زوجها أو على نفسها! ولكنها قالته على ابنتها لأنها تظن أنها طفلة ولا تحتاج إلى الاحترام! بالطبع تصرف خاطئ.
عدم احترام الأطفال يغرس فيهم غضب، صغر نفس، ميل لليأس، عداوة، قلق شديد. كل هذا يحدث لمجرد أنك تصورت أن هذا الابن صغير ليس من الضروري أن تستمع له!
2- عدم احترام خصوصية أبنائنا!
الموقف: أم تدخل حجرة ابنتها (أو ابنها)، تعبث في أشيائها، وقد تجد مذكراتها فتطلع عليها! ثم تحكي لابنتها ما قرأته، أو تحكي أسرارها أمام الناس! " ده أنا لقيتها كاتبه إنها كانت معجبة بزميلها في الدراسة!".
الضرر: هذا التصرف من الأم منتهى عدم الاحترام للابنة ومشاعرها! أنتِ قرأتِ مذكراتها دون إذنها! وحكيتي أسرارها! هذه الابنة قد تظل مستاءة من أمها طول العمر، ولن تُطلِع أمها بعد ذلك على أي سر من أسرارها!
وتأتي الأم متضايقة وتقول لأبونا: "مش بتحكي لي حاجة يا أبونا، قافله معايا، عنيفة معايا، بترد عليَّ". ويظن أبونا أن هذه الأم غلبانة، والبنت هي المفترية وقليلة الأدب! الحقيقة لأ. المشكلة كلها في الأم. الأم بدأت بغلطة، وقد تكون غلطة واحدة، كلفتها كل هذا العناء. لأنها لم تحترم خصوصية ابنتها، لا يصح أن تقرأي خصوصيتها دون أن تأخذي إذنها أولًا.
التصرف السليم: علينا أن نستأذن أولادنا قبل أن نسمح لأنفسنا أن نتطلع على أسرارهم. وعلينا أن نستجيب لرغبتهم سواء سمحوا لنا بذلك أم لا. أحيانًا نحن كآباء وأمهات نستكبر أن نقول لأبنائنا: "حاضر"، بينما نطلب منهم دائمًا أن يقولوا لنا: "حاضر". وعلينا أن نحرِص على عدم إذاعة أسرار أبناءنا احترامًا لخصوصيتهم.
3- عدم الاستماع لرأي أبنائنا وبناتنا!
الموقف: هناك حديث دائر بين عدد من الكبار في وجود طفل (أب وأم وشاب وطفل)، وعندما يتكلم الطفل أثناء حديثنا نحن الكبار نقول له: "اسكت إنت!" لأنه ما زال صغير!
الضرر: هذا التصرف معناه أن هذا الطفل كره الأب والأم والأخ. لأنه يريد أن يتكلم. قد تكون كلمة "كره" كبيرة، ولكن هذا الطفل سيشعر على الأقل بالسخط على الأب والأم والأخ (سينمو داخله شعور ما خاطئ نحوهم). يبدأ بداخله الغيظ، وتراكم الغضب، والشعور بعدم الأهمية، ومشاعر داخله مثل: "ياريتني ما اتولدت!"، ويدخل في متاهات سيئة جدًا! ولماذا؟!
التصرف السليم: علينا أن نستمع لكلام أبنائنا عندما يريدون أن يتكلموا ولا نوقفهم ولا ننتهرهم، الكبير يُمكنه أن يسكت ويستمع للصغير حتى يقول ما يود أن يقوله، ولن يصيبه ضرر في ذلك لأنه يمتلك الثقة الكافية بالنفس. أما الطفل الصغير فقد بذل مجهود نفسي لكي يتكلم أمام الكبار، فلا بد أن نشجعه ونستمع إليه.
مجرد أني قاطعت كلام الصغير، أو طلبت منه السكوت، سيعتبر هذا التصرف عدم احترام له. وعدم احترام الصغار بأي طريقة قد يدفعهم للإدمان بعد ذلك! لمجرد شعورهم بعدم احترام الآباء لهم!
تصوروا! قد يقع الصغار في الإدمان حين يكبرون لمجرد أنهم لم يجدوا الاحترام في بيوتهم!
4- عدم احترام حرية الأبناء ورغباتهم!
الموقف: ماما بتشتري اللعبة اللي على مزاجها لأولادها حتى سن 15 سنة! هذا التصرف يجعل الأبناء في غاية الغيظ!
الموقف: مهندس مثلًا، يريد أن يصبح أولاده مهندسين مثله فلا يأتي لهم بلعب إلا لعبة "الميكانو"، فيصاب الأولاد بالملل الفظيع من "الميكانو" لأنهم يريدون لعب أخرى، بينما يُصِّر الأب أن يأتي لهم بلعبة "الميكانو" متخيلًا أن ذلك سيحببهم في مهنة الهندسة، فتكون النتيجة أن يكره الأولاد مهنة الهندسة بل والتعليم كله!
التصرف السليم: المفروض من سن 4 سنوات يبدأ الطفل في اختيار اللعبة التي يريدها. إذا ذهبت مثلًا لمحل لعب، وأراد طفلك لعبة معينة، فلا تقول له مثلًا: "لأ أصلها هتتكسر بسرعة!". لا يهم إذا انكسرت اللعبة فيما بعد، المهم أن تحترم رغبة الصغير فهو يريد هذه اللعبة بالذات. يمكنك أن تحدد له سعر معين للعبة (في حدود مقدرتك)، ولكن تترك له حرية اختيار نوع اللعبة. ممكن تقوله: "حبيبي معلش دي غالية شوية، شوف حاجه تاني" وتعطيه الحرية ليختار. لكن لا تجبره على أن يأخذ لعبة معينة حسب رؤيتك أنت!
إذًا لا بُد من احترام حرية الطفل حتى إذا كان نتيجة ذلك أن يكون مظهره ليس كما تريد أنت. يمكنك أن تقول له: "أنا شايف إن ده أنسب، لكن ماشي". تكلم مع ابنك وتحاور معه ولكن اترك له حرية الاختيار واحترم حريته في الاختيار. فالله يحترم حريتنا، ولكننا لا نحترم حرية أبنائنا! وهذا الكبت يتسبب أحيانًا في مآسي. في ثورات داخلية صعبة جدًا.
كثير من الشباب الذي يعالج نفسيًا، سبب تعبه أساسًا كبت حريته.
5- عدم احترام نقطة ضعف الأبناء!
الموقف:
أحياناً يعاني الطفل من التلعثم في الكلام (أو أي نقطة ضعف أخرى) لم يستطع بعد ضبط الكلام بثقة. إذا سخر منه أي شخص غريب، أو زميله في الدراسة مثلًا قد يكون هذا مُحتملًا ومغفورًا، ولكن إذا سخر منه أحد أفراد أسرته فهذه جريمة عُظمى لا تُغتفر، يجب عدم السماح بها أو قبولها بأي شكل من الأشكال. لأن أهل البيت أو الأسرة هي مصدر أمان الطفل، فإذا سخروا منه، إذا أصبح مصدر الأمان هو مصدر الرعب أو مصدر الإهانة، بدلًا من الأمان، يتسبب ذلك في ضرر بالغ للطفل.
الضرر: قد لا يظهر الطفل أي تأثر في نفس اللحظة ولكن تبدأ الصراعات النفسية، التي قد تستمر معه طوال حياته.
"احترام الأبناء" أحد واجبات الآباء نحو أبنائهم:
+ إذًا قضية احترام الكبير للصغير قضية خطيرة جدًا، بالطبع عندما أُكلم الشباب لا بُد سأقول لهم: "أكرم أباك وأمك..." وسأكلمهم عن ضرورة احترام الأب والأم. لكن أقول للكبار: "لا تغيظوا أولادكم" ("وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ، بَلْ رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ" ( أفسس 6: 4)، " أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ لِئَلاَّ يَفْشَلُوا" (كولوسي 3: 21)).
+ أحد أهم أسباب غيظ أبنائنا عدم احترامهم (عدم احترام رأيه، عدم احترام وجوده، عدم احترام خصوصيته، عدم احترام حريته، عدم احترام نقطة ضعفه).
الاحترام واجبنا نحو الجميع:
+ إذًا الاحترام في التربية بند مُهمل جدًا في مجتمعاتنا. المجتمعات الشرقية للأسف لا تحترم سوى: الأغنياء، أو كبار السن، أو المسئولين وقد يكون الاحترام ليس كما ينبغي أيضًا!
+ لماذا لا نحترم الطفل؟! بالرغم من أن الطفل أنقى من الجميع!
+ ولماذا لا نحترم الإنسان الجاهل؟! بالرغم من أنه قد يسبقنا للسماء! فقد يكون جاهلًا في العلم العادي ولكنه روحيًا أفضل منا جميعًا.
نحن أحيانًا لا نتحرك بمبادئ روحية بل بمبادئ عالمية.
السيد المسيح وضع الأطفال في أعلى مكانة روحيًا
مكانة الطفل عند الرب يسوع له المجد!
عندما انتهر التلاميذ الأطفال ليبعدوهم عن ربنا يسوع، أوقف السيد المسيح كل شيء وانتهر التلاميذ قائلًا: "دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (مت 19: 14)، (مر 10: 14)، (لو 18: 16) واحتضن الرب يسوع التلاميذ ولاطفهم.
فكرة عدم احترام الأطفال سائدة في الشعوب الشرقية عمومًا من زمن المسيح، ينظرون للصغير على أنه صغير لا يحق له الاحترام، ولكن العكس بالنسبة للسيد المسيح، فالصغير له كل الاحترام.
السيد المسيح وضع الطفل في أعلى مكانة وأعلى درجة من الروحانية في الكنيسة! فعندما سأله التلاميذ عن "مَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟" يقول الكتاب: "فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ"" (إنجيل متى 18: 1-4).
ولنا لقاء في كل محاضرة بنقطة من نقاط التربية.
ملخص المحاضرة:
أحد أهم أسباب متاعب أبنائنا النفسية عدم احترامهم (عدم احترام رأيه، عدم احترام وجوده، عدم احترام خصوصيته، عدم احترام نقطة ضعفه، عدم احترام حريته). كثير من الشباب الذي يعالج نفسيًا، سبب تعبه أساسًا كبت حريته. وهذا الكبت يتسبب أحيانًا في مآسي. في ثورات داخلية صعبة جدًا.
+ عدم احترام الأطفال يغرس فيهم غضب، صغر نفس، ميل لليأس، عداوة، قلق شديد.
+ قد يقع الصغار في الإدمان حين يكبرون لمجرد أنهم لم يجدوا الاحترام في بيوتهم!
+ احترم وجود ابنك، ورغبته، ونقطة ضعفه، وحريته. من حقك أن تتكلم مع ابنك وتتحاور معه وتقول له رأيك، ولكن لا تفرض عليه شيء، بل اترك له حرية الاختيار واحترم حريته في الاختيار، فالله له المجد يحترم حريتنا.
تذكر أن السيد المسيح وضع الطفل في أعلى مكانة روحية وعلمنا "إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ".
احذر من:
انتهار ابنك الصغير عندما يتكلم أمام الكبار.
اتخاذ تصرفات أبنائك (خاصة ما يخجلهم) وسيلة لإضحاك الآخرين.
عدم احترام خصوصيات أبنائك أو فضح خصوصياتهم.
عدم إعطاء أبنائك مساحة من الحرية.
السخرية من نقطة ضعف ابنك أو إهانته.