الاحد الرابع من شهر توت المبارك ( لو 7 : 50 ) ( توبة المراة الخاطئة )
نتكلم اليوم لافي اية من اصحاح , بل انجيل باكمله , لانه اذا كان الانجيل معناه بشرى او خبر مفرح , واذا كان الفرح الحقيقي هو ما ينشا عن شعور النفس بغفران خطاياها , كان موضوع المراة الخاطئة التى غسلت قدمي المسيح في بيت سمعان الفريسي انجيلا كاملا , لانه يبشر الخطاه بيسوع المخلص ويعبر عن مبلغ عطفه على الخطاه . اما يسوع مع كونه " قدوس وبلا خطيه وقد انفصل عن الخطاة ," (عب 7 : 26) فتراه دعى خليلهم ومحبهم , ياكل معهم ويشرب يفتح ذراعيه اليهم ويرحب وينادي : " تعلوا الى يا جميع المتعبين والثقلي الاحمال وانا اريحكم " ( متى 11 : 29 ) . المراة الخاطئة : ان هذه المراة التى احبت السيد المسيح كثيرا , قبل ان تصبح تلميذة له وتلميذة من اشد التلاميذ تعلقا به كانت فريسة الحب العالمي وغروره وقد لوثت سمعتها بعدة فضائح مخزية . على ان ذلك لم يثنها عن عزمها على اصلاح سيرتها ولا سيما بعد ان رات يسوع وسمعته ينذر بالتوبة واقتراب الملكوت . وفيما هي تفكر كيف تتصل بيسوع لكي تطلب منه مغفرة خطاياها بلغها خبر مجيئه الى المدينه ( وهذه المدينة في الغالب نايين ) وانه يقيم في بيت سمعان الفريسي . فنهضت لساعتها مهرولة الى بيت ذلك الفريسي تطلب يسوع المعلم . وها هي الان عند قدمي هذا المعلم تبكي خطاياها فتبل رجليه بالدموع وتمسحها لا بمنديل بل بشعر راسها تعظيما له ولا تخشى ان تقبل قدميه وتدهنهما بالطيب اشهارا لايمانها ومحبتها له اعترافا بجميله انها تؤمن ان يسوع يستطيع ان يغفر لها خطاياها . فبقدر ما اطاحت بنفسها في الخطيه بقدر ما شاءت ان تلقى بكل ذاتها دون شرط او تحفظ في اتون المحبه الالهيه . وايضا ثقتها ورجائها ان رحمة يسوع غير المحدوده لا يمكن ان تردها خائبه . ما اعظم شجاعة هذه المراة وما اشد عزمها في توبتها فلن يكون هناك خلاص الا بالتوبه اولا . ولن تكون توبة الا بالندامه والدموع فالتوبة تسبق الخلاص . ودينونة الانسان لنفسه تمهد طريقا للتوبة . والمراة الخاطئة بللت قدمي يسوع بدموعها الغزيره ومسحتها باعز ما تعتز به امراة وهو شعر راسها . فكان لابد لها من دموع الندامه لتصل الى التوبة حتى تحصل على الخلاص . ويوجد امثال كثيره في الكتاب المقدس من ندموا قديما فبكوا بدموع غزيره مثل داود الملك عندما اخطا فقال " اعوم كل ليلة سريري . ابل فراشي بدموعي . تعكرت من الغيظ عيناي ( مز 6 : 16 ) . واذا افرط في ندامته باكيا , ظهر امام الله تائبا فارسل اليه النبي قائلا : " والرب نقل عنك خطيتك " (2 صم 12 : 13 ) وامثال اخرى في الكتاب المقدس وايضا يقول القديس اوغسطينوس ان الدموع علامة على السلام المفقود والرغبة في الحرية من عبودية الخطيه . اذن فاعلم ان تلك المراة كانت انسانة ضعيفة مثلك بل ربما كانت اضعف منك بكثير وقد لازمت الخطيئه سنيين عديدة ومع ذلك فقد استطاعت بقوة النعمة ان تضبط الطبيعة الجانحه الى الفساد وتنتصر على عاداتها القديمه المشؤومة . نعم لقد اخطات كثيرا , ولكنك بتوبتك ومحبتك ليسوع تستطيع ان تسوى مسالة خلاصك فارجع الان اذن الى الحضن الابوي ولا تكن ابنا جاحدا يصر دون داع على هلاك نفسك . ان يسوع ابا المراحم , يدعوك . فتقدم اليه بثقة , وبقثقة اعترف بجميع خطاياك امام الكاهن , ممثله ووكيله على الارض , تحظ بغفران وسلام يؤهلانك لمرضاة يسوع في الدنيا والاخرة . ولربنا ولالهنا المجد الدائم الى الابد امين
الراهب القمص متى الانبا بيشوي