إذا فصلنا التيار الكهربائى عن مصباح منير فلابد وأن ينطفئ، وإذا أردت أن تعيد إليه الإنارة فلابد وأن توصله بنفس التيار... لا ينفع تيار من نوع آخر ولا يفيد تيار ب (فولت) آخر...هكذا عندما انفصل الإنسان عن الله مات الإنسان... ولكى يحيا لإنسان لابد من إعادة الاتصال بالله... لا ينفع إله آخر ولا نبى ملاك ... ولا يفيد إله آخر أقل من الله - كما أدعى أريوس فى بدعته
وكما أنه لا يمكن للمصباح أن ينير إذا أحضرنا التيار ولم نوصله به، كذلك لا يمكن للإنسان أن يحيا إن جاء الله إلى العالم ولم يتحد بالإنسان؟ فكان لابد من الاتحاد الكامل بين (اللاهوت) و(الناسوت) (بعكس ما نادى به نسطور المبتدع ) هذه هى ببساطة - مفردات التجسد الإلهى العظيم سطور المبت ... فالتجسد فى معناه البسيط أن الله غير المتجسد صار جسدًا... الله نفسه وليس آخر... صار إنسانًا؛ لكى يتحد ببشريتنا الضعيفة ويهبها الحياة والكرامة، ويرفع من شأنها ويمجدها كما نصلى فى القداس الغريغورى قائلين: "باركت طبيعتى فيك". والتجسد هو العقيدة العظمى الإنسانية فى المسيحية، والتى تميزنا عن الديانات الأخرى ، عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد ( ١تيمو ١٦:٣) فليس التجسد أحد العقائد المسيحية، ولكنه الينبوع الذى ينبع منه كل الفكر المسيحى، وتنبنى عليه كل العقائد، والسلوكيات المسيحية، وكل المفاهيم الإيمانية... فالفكر المسيحى الصحيح يبدأ من، وينتهى إلى التجسد. وأية ممارسة روحية مسيحية لا ترتكز على التجسد كأساس إيمانى، لا تكون فى الأصل مسيحية؟ فالتجسد الإلهى العظيم لم يكن حدثًا عاديًا ضمن أحداث التاريخ البشرى العادى، بل هو نزول الله إلينا وصيرورته واحدًا منا... فكيف لا يُحدث هذا النزول ثورة فى المفاهيم، وانقلابًا جذريًا فى المعايير إن المسيحية هى ديانة (منقوعة) فى صبغة ( التجسد) فنظرتنا إلى الصوم والصلاة، وإلى الصدقة والخدمة وإلى العفة والنسك لابد وأن تختلف بعد التجسد عما قبله... فإذا صمنا أو سهرنا أو عملنا أى شئ بدون الخلفية اللاهوتية للتجسد، سنجد أنفسنا بالضرورة وبدون أن ندرى نمارس ممارسة يهودية أو وثنية... أما ممارستنا المسيحية فلها معنى آخر ولها وضع خاص بسبب أن الله تجسد
لك المجد يارب