في البدء بالفردوس
كانت العلاقة بين الله وآدم مليئة بالدفء والحب والدالة.. والآيات التالية تدّل على عمق هذه العلاقة القوية
"وبارَكَهُمُ اللهُ وقالَ لهُمْ: أثمِروا واكثُروا واملأَُوا الأرضَ، وأخضِعوها... وقالَ اللهُ: إني قد أعطَيتُكُمْ كُلَّ بَقلٍ يُبزِرُ بزرًا علَى وجهِ كُل الأرضِ..." (تك28:1-29
"وأخَذَ الرَّبُّ الإلهُ آدَمَ ووَضَعَهُ في جَنَّةِ عَدنٍ ليَعمَلها ويَحفَظَها" (تك15:2
"وقالَ الرَّبُّ الإلهُ: ليس جَيدًا أنْ يكونَ آدَمُ وحدَهُ، فأصنَعَ لهُ مُعينًا نَظيرَهُ" (تك18:2
"وجَبَلَ الرَّبُّ الإلهُ مِنَ الأرضِ كُلَّ حَيَواناتِ البَريَّةِ وكُلَّ طُيورِ السماءِ، فأحضَرَها إلَى آدَمَ ليَرَى ماذا يَدعوها، وكُلُّ ما دَعا بهِ آدَمُ ذاتَ نَفسٍ حَيَّةٍ فهو اسمُها" (تك19:2
حقًا قيل في إشعياء عن الإنسان: "هذا الشَّعبُ جَبَلتُهُ لنَفسي. يُحَدثُ بتسبيحي" إش21:43
الســقوط
فجأة انقطعت هذه العلاقة الجميلة، وصارت هناك قطيعة بسبب الخطية.. وبدلاً من الدالة والحب والفرح صار هناك خوف واختباء ورعب.. "وسَمِعا صوتَ الرَّب الإلهِ ماشيًا في الجَنَّةِ... فاختَبأَ آدَمُ وامرأتُهُ مِنْ وجهِ الرَّب الإلهِ في وسطِ شَجَرِ الجَنَّةِ... فقالَ: سمِعتُ صوتكَ في الجَنَّةِ فخَشيتُ، لأني عُريانٌ فاختَبأتُ" (تك10،8:3).. وبدلاً من البركة صارت هناك لعنة وعداوة (راجع تك14:3-19) وطُرد آدم من وجه الرب
"فطَرَدَ الإنسانَ، وأقامَ شَرقيَّ جَنَّةِ عَدنٍ الكَروبيمَ، ولهيبَ سيفٍ مُتَقَلبٍ لحِراسَةِ طريقِ شَجَرَةِ الحياةِ" تك24:3
الذبيحة الدموية
لم تعُد العلاقة حبًا وودًا، بل تحولت إلى خصومة وعداوة وحاجز متوسط بين السمائيين والأرضيين، وساد الرعب والموت. ولم يكن من الممكن أن يقترب الإنسان إلى الله بدون دم.. فعمل الله أول ذبيحة ليعلّم آدم أنه: "بدونِ سفكِ دَمٍ لا تحصُلُ مَغفِرَةٌ" (عب22:9). ونستدل على هذه الذبيحة من الآية القائلة: "وصَنَعَ الرَّبُّ الإلهُ لآدَمَ وامرأتِهِ أقمِصَةً مِنْ جِلدٍ وألبَسَهُما" (تك21:3).. كان هذا الجلد هو جلد أول ذبيحة، ليعرف آدم أنه لن يُستَر عريه بدون الذبيحة وكان كذلك في ذبائح ابنَيْ آدم.. فقَبِل الله ذبيحة هابيل إذ كانت دموية، بينما رفض ذبيحة قايين إذ أنها نباتية بدون سفك دم.. "وقَدَّمَ هابيلُ أيضًا مِنْ أبكارِ غَنَمِهِ ومِنْ سِمانِها. فنَظَرَ الرَّبُّ إلَى هابيلَ وقُربانِهِ، ولكن إلَى قايينَ وقُربانِهِ لم يَنظُرْ" (تك4:4-5) لقد ضاعت العلاقة الجميلة والحب والفرح، وحلَّ محلهما الدم والموت!!
عصر الآباء..ما قبل الناموس
الآباء والمذبح
على الرغم من الدالة والحب بين الله والآباء.. فقد كانت الصلة الأساسية التي تربطهم بالله هي المذبح والذبيحة، علامة على الحاجة إلى الكفارة والفداء بدم المسيح..
وهذا ما نراه متكررًا في سفر التكوين
نوح: "وبَنَى نوحٌ مَذبَحًا للرَّب. وأخَذَ مِنْ كُل البَهائمِ الطّاهِرَةِ ومِنْ كُل الطُّيورِ الطّاهِرَةِ وأصعَدَ مُحرَقاتٍ علَى المَذبَحِ، فتَنَسَّمَ الرَّبُّ رائحَةَ الرضا" (تك20:8-21
أبرام: "وظَهَرَ الرَّبُّ لأبرامَ وقالَ: "لنَسلِكَ أُعطي هذِهِ الأرضَ". فبَنَى هناكَ مَذبَحًا للرَّب الذي ظَهَرَ لهُ" تك7:12
إسحاق: "فبَنَى هناكَ مَذبَحًا ودَعا باسمِ الرَّب" تك25:26
يعقوب: "وأقامَ هناكَ مَذبَحًا ودَعاهُ إيلَ إلهَ إسرائيلَ" تك20:33
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة