“جاهد جهاد الإيمان الحسن” (6 : 12)
اعلم أن الإيمان بالله مع العجز والإهانة وضياع الحقوق ، أقوى من الانتصار القائم على الحيلة والسياسة . فالمسيح وهو حامل صليبه خاسراً قضيته مهاناً مطروداً خارج أورشليم ، كان أقوى جداً من
حنان وقيافا وهيرودس وبيلاطس مجتمعين.
فلا تجعل قلبك على الربح أو الانتصار المنظور ، بل تمسك بالخسارة و إذا كانت توصلك إلى راحة الضمير وإرضاء الإنجيل.
مقياس الإيمان الصحيح لا يتأثر بالعوارض ؛ فلا الخوف من الخسارة يجعلك تتنازل عن نصيبك في الخدمة ، ولا الخوف من المستقبل يجعلك تجحد وصية الاعتماد على المسيح في احتياجاتك الجسدية ، ولا الخوف من المرض يجعلك تختصر حبك وصلاتك ، ولا الخوف من الموت يجعلك تجحد أمانتك للمسيح .
فمقياس الإيمان الصحيح في التدبير الروحي يجعل الإنسان يسير وراء المسيح متمسكاً به داعياً باسمه في أشد الظروف حرجاً وأخطرها تهديداً دون أن ينظر للوراء قط ، ولا يحسب للخسارة حساباً، ولا نفسه تكون محسوبة عنده ، بل يكون قد سبق ووضع حكم الموت في نفسه .
الإنسان عندما يكون إيماناً صحيحاً لا يشتهي معونة بشرية في وقت الضيق ؛ لأن اعتماده على الإيمان بالله يكفيه جداً. لذلك هو لا يلوم الناس إن هم تركوه وحده ، ولا يدين الإخوة لأنهم كفوا عن معونته ؛ بل هو يجد أن معونتهم في هذه الأوقات مُعوَّقة وخطرة على إيمانه بالله .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين