لو عرف التلاميذ أن المسيح
سينقذهم في الهزيع الرابع،
لاحتفظوا بهدوئهم طوال ساعات الليل..
لو عرفت أرملة نايين
أن ابنها سيقوم في نفس اليوم،
لما ذرفت عليه دمعة واحدة..
لو تذكّر التلاميذ يوم الجمعة
أن المسيح سيكون معهم يوم الأحد،
لما فقدوا سلامهم لحظة..
لو عَرِفَت أختا لعازر
أن المسيح سيقيمه بعد أربعة أيام،
لقَضِيَتا تلك الأيام في فرحٍ وانتظار..
لو عرفت السامرية موعد لقائها بالمسيح،
لما فتَّشت عن الحب مع ستة رجال قبله..
كان بمقدور الله أن يخبرهم بموعد تدخله،
فيقضون فترة الإنتظار في ثبات وهدوء..
إن المعرفة تجعل القلب ثابتاً..
لكن الله يريد أن يصل بنا إلى هذا:
"الثبات" بدون تلك "المعرفة" !
فهو لا يريد يقيناً مبنياً على
"العيان" بل على "الإيمان"..
لا يريد ثقة مؤسسة على
"المعلومة" بل على "الرجاء"..
لا يريد انتظاراً "للميعاد" بل "للوعد"..
لذا أقرَّ قاعدة :
"لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ"(أع 1: 7)
الله لا يريدنا أن ننتظر موعداً،
بل ننتظره هو، واثقين في حكمته وتواقيته..
حين هاج البحر في المرة الأولى خاف التلاميذ،
لكن المسيح كان معهم، فأيقظوه ..
وحين هاج في مرة أخرى
خافوا أكثر لأنه لم يكن معهم ..
فأتاهم ماشياً على البحر !
وتجربة وراء تجربة..
وخبرة تلو الأخرى ..
ينمو الإيمان تدريجياً،
حتى يصل بنا الله إلى ذلك القلب
المُؤمِن والمُؤَمَّن ..
"لاَ يَخْشَى مِنْ خَبَرِ سُوءٍ ..
قَلْبُهُ ثَابِتٌ مُتَّكِلاً عَلَى الرَّبِّ ..
قَلْبُهُ مُمَكَّنٌ فَلاَ يَخَافُ"
(مز112: 8-7)
في كل ضيقة، هناك فترة زمنية لا يخبرنا الله بموعد انتهائها.. لتنسحق ذواتنا وترتفع أعيننا.. لنصلِّي ونصرخ وننتظر ونتشدد.."جَيِّدٌ أَنْ يَنْتَظِرَ الإِنْسَانُ وَيَتَوَقَّعَ بِسُكُوتٍ خَلاَصَ الرَّبِّ" (مرا3: 26).
إذا كنت تنتظر استجابة أو تدخُّل من الله، فثق في الوقت المعيَّن من قِبَلِه.. سواء بانتهاء الضيقة أو بانتهاء ضيقك منها.. سواء بتغيير الأوضاع أو بتغييرك أنت.. سواء بسكون الأمواج أو بسَيرك فوقها..
وقت العاصفة اصرخ وابكي و صارع مع الله كما شئت.. لكن لا تفقد رجاءك..
ثق في انتهاء التجربة ثقة من يعرف موعد انتهائها!
فهذا هو الإيمان ..
الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى ..
وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى ..!!